للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعرف بالرّوذبار فلمّا ملكها قوي أمره واستغوى طوائف من النّاس، وفشا مذهب الباطنيّة ونما، وأعتقده خلق من الأكابر في باطن الأمر. وما زال يستفحل أمرهم إلى أن قصدت العساكر المغوليّة قلاعهم وفعلت بها ما فعلت. ومات المستظهر في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.

شرح حال الوزارة في أيّامه

لم يكن للوزارة في أيّامه كبير أبّهة. فمن وزرائه زعيم الرّؤساء أبو القاسم عليّ بن فخر الدّولة بن جهير، لم تطل أيّامه. ولم يكن له من السّير ما يؤثر، وبعد يسير من وزارته عزل وقبض عليه.

وزارة أبي المعالي هبة الله بن محمّد ابن المطّلب للمستظهر

كان رجلا كافيا من كفاة الدّولة العبّاسيّة، واستوزره المستظهر بعد زعيم الرّؤساء ابن جهير، وكان قبل الوزارة يتولّى ديوان الزّمام. فحدّث عنه بعض أصحابه قال: دخلت يوما الوزارة وهو صاحب ديوان. فرأيته مفكّرا مضطرب الخاطر، فسألته عن السّبب فقال: كنت قد أنهيت إلى المستظهر في السّنة الخالية اجتهادي في عمارة البلاد وضبطي وتثميري للحاصل، وقلت قد حصل في هذه السنة اثنا عشر ألف كرّ وفي السّنة المستقبلة يحصل عشرون ألف كرّ، فخرج جوابه يشكرني ويثني عليّ وشرّفني بشيء من ثيابه، فسررت وقلت: هذه ثمرة الاجتهاد. ثمّ جرّدت همّتي للعمارة وانبعثت بجهدي وطاقتي في عمارة المستقبل، فاتّفق أن انفجر بثق [١] فتلف من الارتفاع شيء كثير، وجرت أحوال أخر اقتضت خفوق الارتفاع بحيث نقص عن ارتفاع السّنة الخالية فكتبت مطالعة إلى الخليفة أعرّفه فيها بخفوق الارتفاع، وذكرت له كميّة الحاصل ولم أشرح له السّبب في


[١] البثق أو البثق: موضع الكسر من الشّطر، يتدفق منه الماء.

<<  <   >  >>