للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البيعة على دبيس ويطلب منه أن يسلم إليه الأمير أبا الحسن فقال دبيس: أمّا البيعة فالسّمع والطّاعة لأمر أمير المؤمنين، وبايع، وأما تسليم جاري فلا والله لا أسلّمه إليكم وهو جاري ونزيلي ولو قتلت دونه. إلا إن اختار. فأبى الأمير أبو الحسن التوجّه صحبة النقيب إلى أخيه فمضى النقيب وحده. ثمّ بعد ذلك ظفر به المسترشد فسجنه في بعض دوره في حالة جميلة. وجرت بين الخليفة المسترشد وبين السّلطان مسعود وحشة، وتفاقم الأمر فيها وأفضى الحال إلى الحرب، فتوجّه الخليفة المسترشد وصحبته العسكر وأرباب الدّولة وتجهّز مسعود للقائهم فلما التقوا والتحم القتال انكسر عسكر المسترشد، واستظهر السّلطان مسعود عليهم ونهب عسكره من العسكر الخليفيّ أموالا عظيمة، فيقال: إنّ صناديق المال كانت على مائة وسبعين بغلا، وهي أربعة آلاف ألف دينار، وكان الرّحل على خمسمائة جمل وكان معه عشرة آلاف عمامة، وعشرة آلاف جبّة، وعشرة آلاف قباء [١] ، كلّ ذلك من فاخر الثّياب، كان قد أعدّها للتشريفات إن ظفر، فيقال إن جملة ما نهب عشرة ألف ألف دينار، ونهى مسعود عن إراقة الدّماء، وقبض على أصحاب الخليفة وحملهم إلى القلعة وأمّا الخليفة فأفرد له خيمة ووكّل به جماعة، وسار مسعود والخليفة معه إلى مراغة [٢] ، فوصل كتاب السّلطان سنجر [٣] إلى مسعود يأمره بالإحسان إلى الخليفة وإعادته إلى بغداد مكرّما معزّزا، وأن يردّ عليه أمواله وأن يجعل له من الحشم والبرك والأسباب أعظم وأجمل ممّا ذهب منه ويعيده إلى بغداد على أتمّ حال فامتثل مسعود جميع ذلك، وصنع له من البرك والأسرّة والخيم والحمول أشياء جميلة ووقع العزم على العود إلى بغداد واتّفقت غفلة عن مسعود


[١] القباء: ثوب يرتدى فوق غيره من الثياب.
[٢] مراغة: كبرى مدن أذربيجان كانت عاصمة هولاكو قديما، شرقي بحيرة أرمية في إيران اليوم.
[٣] السلطان سنجر: هو أحمد سنجر بن ملك شاه آخر سلاجقة الفرس، خسر بلاد ما وراء النهر وأسرته قبائل الغزّ فكانت نهاية عهده بداية الانحطاط السلجوقي فيما وراء النهر. مات حوالي/ ٥٥٢/ هـ.

<<  <   >  >>