للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرح حال الوزارة في أيّامه

لما بويع الناصر بالخلافة أقرّ ابن العطّار وزير أبيه على قاعدته أيّاما يسيرة [١] ثمّ نكبه وقبض عليه وحبسه في باطن دار الخلافة، ثم أخرج بعد أيّام ميتا، فسلّم إلى أخته لتجّهزه وتدفنه، فغسلته وأخرجته في تابوت على رأس حمّال لتدفنه، فغمز به بعض الناس فرجموه، فرمى الحمال بالتابوت وهرب، فأخذه العوامّ وأخرجوه من التابوت ومثّلوا به، وشدّوا في رجله حبلا وسحبوه، ووضعوا في يده خشبة، ونادوا به: يا مولانا ظهير الدين، وقّع لنا!.

ومن طريف ما وقع في ذلك: أنّ بعض الأتراك عمّر حمّاما وجعل مجراته تجوز على دار بعض الجيران، فتأذّى الجار بتلك المجراة، فشكا ذلك إلى الوزير فزبره [٢] ولم يأخذ بيده وقال له: إن لم تسكت وإلا جعلت رأسك في المجراة، فيقال: إنّ ابن العطّار لما سحبه العوامّ ومثّلوا به اجتازوا به على باب الحمّام المذكور، فاتّفق أنه وقع في المجراة فسحبوه فيها خطوات، فتعجّب الناس من ذلك

وزارة جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله

كان في ابتداء أمره أحد الشّهود المعدّلين، ثم تقلّبت به الأحوال حتّى بلغ الوزارة وأرسله الناصر صحبة عسكر كثيف إلى محاربة السّلطان طغرل بن أرسلان بن طغرل السلجوقيّ، فالتقيا، فكانت الغلبة لعسكر السّلطان، وانهزم عسكر الخليفة وثبت الوزير فأسر، ومكث مدّة في الأسر، ثم أطلق فوصل إلى بغداد متخفّيا، ولم تطل مدّته بعد ذلك.

وزارة معزّ الدين سعيد بن عليّ بن جديدة الأنصاريّ

كان رجلا فاضلا متصوّنا، موسرا كثير المال، روي أنّ نقيب البصرة أبا جعفر محمّد بن أبي طالب الشاعر، أصعد [٣] إلى بغداد متظلّما إلى هذا الوزير من


[١] أيّاما يسيرة: أيّاما قليلة.
[٢] زبره: نهره موبّخا.
[٣] أصعد: مضى صعودا.

<<  <   >  >>