للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يريدون على إسلامهم ونصرهم لنبيّهم- صلوات الله عليه وسلامه- جزاء إلا من عند الله تعالى ولم يفرض النبيّ- صلوات الله عليه وسلامه- ولا أبو بكر رضي الله عنه لهم عطاء مقرّرا ولكن كانوا إذا غزوا وغنموا أخذوا نصيبا من الغنائم قرّرته الشريعة لهم. وإذا ورد إلى المدينة مال من بعض البلاد، أحضر إلى مسجد الرسول- صلوات الله عليه وسلامه- وفرّق فيهم على حسب ما يراه (صلى الله عليه وسلم) وجرى الأمر على ذلك مدّة خلافة أبي بكر (رضي الله عنه) فلمّا كانت سنة خمس عشرة من الهجرة،- وهي خلافة عمر رضي الله عنه- رأى أن الفتوح قد توالت، وأن كنوز الأكاسرة قد ملكت، وأن الحمول من الذّهب والجواهر النفيسة، والثياب الفاخرة قد تتابعت فرأى التوسيع على المسلمين وتفريق تلك الأموال فيهم. ولم يكن يعرف كيف يصنع، وكيف يضبط ذلك. وكان بالمدينة بعض مرازبة [١] الفرس. فلما رأى حيرة عمر قال له: يا أمير المؤمنين: إن للأكاسرة شيئا يسمّونه ديوانا، جميع دخلهم وخرجهم مضبوط فيه لا يشذّ منه شيء. وأهل العطاء مرتبّون فيه مراتب لا يتطرق عليها خلل. فتنبّه عمر- رضي الله عنه- وقال: صفه لي فوصفه المرزبان، ففطن عمر لذلك ودوّن الدواوين وفرض العطاء فجعل لكلّ واحد من المسلمين نوعا مقرّرا، وفرضوا لزوجات الرسول- صلوات الله عليه وسلامه- ولسراريه وأقاربه حتّى استنفد الحاصل ولم يدّخر في بيت المال شيئا. قالوا، فقام إليه رجل وقال: يا أمير المؤمنين: لو تركت في بيوت الأموال شيئا يكون عدّة لحادث إن حدث: فزجره عمر وقال:

كلمة ألقاها الشيطان على فيك وقاني الله شرّها، وهي فتنة لمن بعدي. إني لا أعدّ للحادث الّذي يحدث سوى طاعة الله ورسوله، فهي عدّتنا التي بها [٢] بلغنا ما بلغناه ثمّ إنّ عمر رأى أن يجعل العطاء على حسب السّبق إلى الإسلام، وإلى نصرة الرسول- عليه الصلاة والسلام- في مواطن حروبه. ثمّ استخدم الكتّاب في


[١] المرازبة: جمع مرزبان: قائد جيش باللغة الفارسيّة أو هو الرجل الخطير الشأن.
[٢] كذا في طبعة بيروت ص/ ٨٤/، وفي رحما ص/ ٦٠/، وفي ألما ص/ ١٠٢/.

<<  <   >  >>