للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأشار عمرو بن العاص على معاوية- رضي الله عنهما- أن يظهر قميص الدم الّذي قتل فيه عثمان بن عفّان وأصابع زوجته- رضي الله عنهما- ويعلّق ذلك على المنبر، ثمّ يجمع الناس ويبكي عليه ويلصق قتل عثمان بعليّ- رضي الله عنهم- ويطالبه بدمه ليميل إليه أهل الشأم ويقاتلوا معه. فأخرج معاوية- رضي الله عنه- القميص والأصابع وعلّقه على المنبر وبكى واستبكى الناس، وذكّرهم بمصاب عثمان- رضي الله عنه- فانتدب أهل الشأم من كلّ جانب، وبذلوا له الطّلب بدم عثمان رضي الله عنه والقتال معه على كل من آوى قتلته ثم كتب معاوية- رضي الله عنه إلى أمير المؤمنين- عليه السّلام- كتابا يذكر فيه ذلك فحينئذ تجهّز عليّ- عليه السّلام- للقتال وكاتب الناس ليجتمعوا معه، وكذلك صنع معاوية- رضي الله عنه- ثم التقوا بصفّين [١] من أرض الشأم فجرت بينهم مناوشات وحروب كان أوّلها: أنّ معاوية وأصحابه- رضي الله عنهم- سبقوا إلى شريعة [٢] الماء فملكوها. ومنعوا أصحاب أمير المؤمنين- عليه السّلام- من الماء، ولم يكن هناك شريعة غيرها. فلمّا أخبر عليّ- عليه السّلام- بذلك أرسل إلى معاوية- رضي الله عنه- يقول له: إنّ مذهبنا ألا نبدأكم بقتال حتى نحتجّ عليكم، وننظر فيما جئنا له وتنظرون. وقد منع أصحابك الناس من الماء، فابعث حتى يخلّوا سبيل الماء، وإن شئتم أن نترك ما جئنا له وتكون مقاتلتنا على الماء، فيكون الغالب هو الشارب، فعلنا ذلك. فقال معاوية- رضي الله عنه- لأصحابه ما تشيرون؟ قال قوم من بني أميّة: نرى أن تمنعه الماء حتى يموتوا عطشا أو يرجعوا لطلب الماء فتكون هزيمة، فقال عمرو بن العاص- رضي الله عنه- «أرى أن نخلّي لهم سبيل الماء، فإنّ القوم لا يعطشون وأنت ريّان» فأخر معاوية- رضي الله عنه- الجواب وقال: سأنظر، فاقتتل الناس على الماء، وأمدّ عليّ- عليه السّلام- أصحابه وأمدّ معاوية- رضي الله عنه- أصحابه، ونشبت الحرب


[١] صفّين: موقع على نهر الفرات غربيّ الرقّة.
[٢] الشّريعة: مورد الماء ومستقاه.

<<  <   >  >>