للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا أَبَا زُرْعَةَ هَلَكَ عُبَّادُنَا وَخِيَارُنَا فِي هَذَا الرَّأْيِ- يَعْنِي الْقَدَرَ-» [١] .

حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ:

أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ [٢] : أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ كُنْتُ بِحَالِ أَبِيكَ لِي وَخَاصَّةِ سَرِيرَتِهِ، فَرَأَيْتُ أَنَّ صلتي إياه تعاهدي إِيَّاكَ بِالنَّصِيحَةِ فِي أَوَّلِ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ من تخلفك عن الجمعة والصلوات فجددت وَلَجَجْتَ.

ثُمَّ بَرَرْتُكَ فَوَعَظْتُكَ وَأَجَبْتَنِي بِمَا لَيْسَ لك فيه حجة ولا عذر، وقد أحببت أَنْ أَقْرِنَ بِنَصِيحَتِي إِيَّاكَ عَهْدًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يُحْدِثَ خَيْرًا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ خَمْسًا كَانَ عَلَيْهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ: اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَحَبَّ أن يعلم أصابته الفتنة أولا فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى حَلَالًا كَانَ يَرَاهُ حَرَامًا، أَوْ يَرَى حَرَامًا كَانَ يَرَاهُ حَلَالًا، فَلْيَعْلَمْ أَنْ قَدْ أَصَابَتْهُ. وَقَدْ كُنْتَ قَبْلَ وَفَاةِ أَبِيكَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَرَى تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَوَاتِ في الجماعة حراما فأصبحت نراه حَلَالًا، وَكُنْتَ تَرَى عِمَارَةَ الْمَسَاجِدِ مِنْ شَرَفِ (١٢٣ ب) الْأَعْمَالِ فَأَصْبَحْتَ لَهَا هَاجِرًا، وَكُنْتَ تَرَى أَنَّ تَرْكَ عِصَابَتِكَ مِنَ الْحَرَسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حرجا فأصبحت تراه جميلا.


[١] ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق ١/ ٣٣٧، ٣٤٦ ووقع فيه «الشيبانيّ» وهو خطأ، والسيباني هو يحي بن أبي عمرو ابو زرعة الحمصي ابن عم الأوزاعي، أما الشيبانيّ فهو السري بن يحي الشيبانيّ، وقد روى ضمرة عن السيباني والشيبانيّ معا مما سبب هذا الوهم.
[٢] العنسيّ الدمشقيّ الزاهد (تهذيب التهذيب ٦/ ١٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>