للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ رَسُولًا فَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى حَلَقَ شَعْرَهُ» [١] .

«حَدَّثَنِي سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ عُمَرُ ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ يُذَيِّلُ ثِيَابَهُ وَيُسْرِفُ فِي عِطْرِهِ، فَلَقَدْ كَانَ يَدْخُلُ فِي طِيبِهِ حَمْلُ الْقَرَنْفُلِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْعَنْبَرَ عَلَى لِحْيَتِهِ كَالْمِلْحِ، فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيْهِ الْخِلَافَةُ تَرَكَ ذَلِكَ وَتَبَذَّلَ.

قَالَ: فَأَخْبَرَنِي رِيَاحُ بْنُ عُبَيْدَةَ- وَكَانَ تَاجِرًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يُعَامِلُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ- فَأَمَرَهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جُبَّةَ خَزٍّ مَنْصُوبٍ. قَالَ: فَاشْتَرَيْتُهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهَا فَمَسَّهَا فَقَالَ: إِنِّي لَأَسْتَخْشِنُهَا، فَلَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ، أَمَرَنِي فَاشْتَرَيْتُ لَهُ جُبَّةَ صُوفٍ بدينار، ففعلت وأتيته بها، فجعل يدخل يَدَهُ فِيهَا وَيَقُولُ: مَا أَلْيَنَهَا! فَقُلْتُ: عَجَبًا تَسْتَخْشِنُ الْخَزَّ الْمَنْصُوبَ أَمْسَ وَتَسْتَلِينُ الصُّوفَ الْيَوْمَ! قَالَ: تِلْكَ حَالٌ وَهَذِهِ حَالٌ» [٢] .

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: أَخْبَرَنِي أَشْهَبُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ:

دَخَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى فَاطِمَةَ امْرَأَتِهِ فِي كَنِيسَةٍ بِالشَّامِ، فَطَرَحَ عَلَيْهَا خِلَقَ سَاجٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى فَخْذِهَا فَقَالَ: يَا فَاطِمُ لَنَحْنُ لَيَالِيَ دَابِقَ أَنْعَمُ مِنَّا الْيَوْمَ- فَذَكَّرَهَا مَا قَدْ نَسِيَتْ مِنْ عَيْشِهَا- فَضَرَبَتْ يَدَهُ ضَرْبَةً فِيهَا عُنْفٌ تُنَحِّيهَا عَنْهَا وَقَالَتْ: لَعَمْرِي لِأَنَّكَ الْيَوْمَ أَقْدَرُ مِنْكَ يَوْمَئِذٍ. فَاكْتَنَفَهُ ذَلِكَ- أَيْ عَبَسَ- وَتَحَرَّى مَقَامَ يَزِيدَ آخِرَ الْكَنِيسَةِ وَهُوَ يَقُولُ بِصَوْتٍ حَزِينٍ: يَا فَاطِمُ إِنِّي أَخَافُ النَّارَ يَا فَاطِمُ إِنِّي أَخَافُ النَّارَ يَا فَاطِمُ إِنِّي أَخافُ ٦: ١٥


[١] ابن الجوزي: سيرة عمر بن عبد العزيز ص ٨- ٩.
[٢] ابن الجوزي: سيرة عمر ص ١٥٠. وقارن ابن عبد الحكم:
سيرة عمر بن عبد العزيز ص ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>