للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَشَجِّ [١] فَدَخَلَ عَلَى عِيسَى بْنِ أَبِي عَطَاءٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، - وَكَانَ عَلَى مِصْرَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ- فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ أَبِي عطاء: هنيئا لم تغزون وترابطون، ولا تقدر نغزو وَلَا نُرَابِطُ. فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ بْنُ الْأَشَجِّ:

وَأَنْتَ فِي خَيْرٍ. فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: مَا صَنَعْتُ! لَقَدْ تَكَلَّمْتُ بِكَلِمَةٍ مَا أَرَاهَا يُكَفِّرُهَا إِلَّا الشَّهَادَةُ، فَتَجَهَّزَ وَخَرَجَ إِلَى الْعَدُوِّ، فَقَعَدَ لَهُ رَجُلٌ عَلَى سَرِيَّةٍ فَلَبِسَ سِلَاحَهُ وَرَبَطَ وَسَطَهُ وَجَلَسَ يَنْتَظِرُ خُرُوجَ الْقَوْمِ. فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ وُلِّيَ عَلَيْنَا؟ قَالُوا: فُلَانٌ الْبَرِّيُّ. فَقَالَ: الْبَرِّيُّ يَطِيرُ فَلَا يَرْجِعُ، - وَكَأَنَّهُ تَطَيَّرَ بِاسْمِهِ- قَالَ: وَمَا عَلَيَّ مِنْ وُلِّيَ عَلَيْنَا. فَنَامَ- وَهُوَ جَالِسٌ يَنْتَظِرُهُمْ- ثُمَّ انْتَبَهَ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ: رَأَيْتُ وَاللَّهِ السَّاعَةَ كَأَنِّي أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ وَشَرِبْتُ فِيهَا لَبَنًا، قَالُوا: فَإِنَّا نَعْزِمُ عَلَيْكَ الا استقيت فَاسْتَقَاءَ فَقَاءَ لَبَنًا [٢] . ثُمَّ خَرَجَ مَعَ السَّرِيَّةِ، فَأُصِيبَتِ السَّرِيَّةُ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ بُحَيْرَةُ الطَّيْرِ، فَقَدِمَ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ بَعْدَهُ فِقِيلَ لَهُ: أَلَا تَدْخُلُ نُسَلِّمُ عَلَى عِيسَى بْنِ أَبِي عَطَاءٍ فَقَالَ: إِنَّهُ لَرَجُلٌ لَا نَظَرْتَ إِلَى وَجْهِهِ أَبَدًا، أَخَافُ أَنْ أَزِلَّ كَمَا زَلَّ أَخِي.

حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ: مَا تَرَكَ بُكَيْرٌ مِنْ سَمْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا. فَقَالَ اللَّيْثُ: وَذَلِكَ لِلَبْثِهِ وَقَصْدِهِ. قَالَ: وَكَانَ بُكَيْرٌ يُشَبَّهُ بِهِمْ مِنْ حُسْنِ سَمْتِهِ وَحَالِهِ.

حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ زَيْدٍ: وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: انْقَلَبَ مَعَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الله ليلة فتخلف عنا لسائل وحده،


[١] هو يعقوب بن عبد الله بن الأشج (تهذيب التهذيب ١١/ ٣٩٠) .
[٢] قارن بابن حجر: تهذيب ١١/ ٣٩٠ وأضاف «قال ابن القاسم: وكان في البحر بموضع لا لبن فيه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>