للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السرايا ان نصر بن شبيب كان قدم حاجّا وكان متشيعا حسن المذهب، وكان ينزل الجزيرة، فلما ورد المدينة سأل عن بقايا أهل البيت ومن له ذكر منهم، فذكر له: علي بن عبيد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، ومحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن.

فأما علي بن عبيد الله فإنه كان مشغولا بالعبادة لا يصل إليه أحد ولا يأذن له.

وأما عبد الله بن موسى فكان مطلوبا خائفا لا يلقاه أحد.

وأما محمد بن إبراهيم فإنه كان يقارب الناس ويكلمهم في هذا الشأن، فأتاه نصر ابن شبيب فدخل إليه وذاكره مقتل أهل بيته وغصب الناس إيّاهم حقوقهم، وقال: حتى متى توطئون بالخسف وتهتضم شيعتكم وينزى على حقكم؟ وأكثر من القول في هذا المعنى إلى أن أجابه محمد بن إبراهيم، وواعده لقاءه بالجزيرة.

وانصرف الحاج، ثم خرج محمد بن إبراهيم إلى الجزيرة، ومعه نفر من أصحابه وشيعته، حتى قدم على نصر بن شبيب للموعد، فجمع إليه نصر أهله وعشيرته وعرض ذلك عليهم، فأجابه بعضهم وامتنع عليه بعض، وكثر القول فيهم والاختلاف حتى تواثبوا وتضاربوا بالنعال والعصي، وانصرفوا عن ذلك.

ثم خلا بنصر بعض بني عمه وأهله فقال له:

ماذا صنعت بنفسك وأهلك؟ أفتراك إذا فعلت هذا الأمر وتأبدت «١» السلطان يدعك وما تريد؟ لا والله بل يصرف همّه إليك وكيدة، فإن ظفر بك فلا بقاء بعدها، وإن ظفر صاحبك وكان عدلا كنت عنده بمنزلة رجل من أفناء «٢» أصحابه، وإن كان غير ذلك فما حاجتك إلى تعريض نفسك وأهلك وأهل بيتك لما لا قوام لهم به؟ وأخرى إن جميع هذا البلد أعداء لآل أبي طالب، فإن أجابوك الآن طائعين، فرّوا عنك غدا منهزمين إذا احتجت إلى نصرهم، على أنك إلى خلافهم أقرب منك إلى إجابتهم، ثم تمثل [بقوله] :

وأبذل لابن العم نصحي ورأفتي ... إذا كان لي بالخير في الناس مكرما

فإن راغ عن نصحي وخالف مذهبي ... قلبت له ظهر المجن ليندما

<<  <   >  >>