للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل خبيب وأصحابه، وبعث معي رجلا من الأنصار، فقال: ائتيا أبا سفيان فاقتلاه فخرجنا وليس مع صاحبي بعير، فلما وصلنا عقلت بعيري، وقلت لصاحبي إني أريد أن أقتل أبا سفيان فإن أصبت شيئا فالحق ببعيري فاركبه والحق بالمدينة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما دخلنا مكة قال لي صاحبي هل لك أن تطوف، فقلت: أنا أعلم بأهل مكة منك، فلم يزل بي حتى طفنا، فمررنا بمجلس فعرفني رجل منهم، فصاح بأعلى صوته: هذا عمرو بن أمية الضمري، فتبادر أهل مكة، قالوا:

والله ما جاء عمرو لخير، فقاموا فِي طلبي، فقلت لصاحبي: «النجاء، فهذا الذي كنت أخاف، وليس إلى الرجل سبيل فانج بنفسك» ، فخرجنا نشتد حتى أصعدنا في الجبل، فدخلنا غارا فبتنا فيه ليلتنا فأعجزناهم فرجعوا، فإذا عثمان بن مالك التميمي قد وقف بباب الغار، فخرجت إليه فوجأته بخنجر معي فصاح صيحة أسمع أهل مكة، فأتوا إليه، ورجعت إلى مكاني، فجاءوه وبه رمق، فقالوا: ويلك من؟ قال: عمرو بن أمية، ثم مات ولم يستطع أن يخبرهم بمكاننا، فقالوا: والله لقد علمنا أنه ما جاء لخير، فاشتغلوا بصاحبهم، فأقمنا في الغار يومين، ثم خرجنا إلى التنعيم فإذا خشبة خبيب/ وحوله من يحرسه، فقلت للأنصاري: إن خشيت فخذ الطريق إلى جملي فاركبه، والحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره الخبر واشتددت إلى خشبته فاحتللته واحتملته على ظهري، فو الله ما مشيت به إلا نحو ذراعين [١] [حتى نذروا بي فطرحته] [٢] فما أنسى وجبته حين سقط فاشتدوا في أثري فأخذت طريق الصفراء، فرجعوا وانطلق صاحبي فركب بعيري ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره الخبر، وأقبلت أمشي حتى أشرفت على ضجنان، فدخلت غارا، فدخل علي رجل من بني الديل، فقال: من الرجل؟ فقلت: من بني بكر، قال:

وأنا من بني بكر، ثم اضطجع معي، ثم رفع عقيرته يتغنى، ويقول:

ولست بمسلم ما دمت حيا ... ولست أدين دين المسلمينا

فقلت: سوف تعلم، فنام فقمت فقتلته شر قتلة، وخرجت فلقيت رجلين من قريش يتحسسان أمر رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: استأسرا، فقالا: أنحن نستأسر لك،


[١] في أ، والطبري: «نحو أربعين ذراعا» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأوردناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>