للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبله أنبياء؟ قالوا: نعم، قال: فما فعلوا؟ قالوا: ماتوا، قال: فإن محمدا قد مات كما ماتوا، فعادوا إلى الإسلام.

فلما فرغ خالد من اليمامة بعث أبو بكر العلاء بن الحضرميّ إلى البحرين في ستة عشر فارسا، فقال ابن عبد القيس: إن لم يرتدوا فهم جندك فسار مع العلاء حتى بلغه عبد القيس، فكتب الجارود إلى العلاء: إن بيني وبينك أسود النهار وضباع الليل، ففهم فبعث العلاء جنوده تحت الليل فقتلوهم وسار وأمده ثمامة بقومه، فنزل العلاء بأصحابه ليلة فنفرت الإبل فما بقي عندهم لا زاد ولا مزاد، وأوصى بعضهم إلى بعض فصلى بهم العلاء الفجر وجثى فدعا فلاح لهم ماء، فذهبوا إليه فشربوا، فإذا الإبل [تكرد من كل وجه] [١] ، فقام كل رجل منهم إلى ظهره، فما فقدوا سلكا [٢] ، وخندق المسلمون وتراجعوا وتراوحوا القتال شهرا، ثم كر المرتدون، فتحصن المسلمون، منهم بحصن بالبحرين يقال له: جواثا حتى كادوا يهلكون جوعا، فنزل بعض المسلمين/ ليلا، فجال في عسكر القوم ثم عاد فقال: إن القوم سكارى، فخرج إليهم العلاء وأصحابه، فوضعوا فيهم السيوف، وأخذوا غنائمهم.

ولما فرغ العلاء من البحرين سار إلى هجر فافتتحها صلحا وكان فيها راهب، فقيل له: ما دعاك إلى الإسلام فقال: ثلاثة أشياء خشيت أن يمسخني [الله] [٣] بعدها إن لم أسلم: فيض في الرمال، وتمهيد أثباج البحار، ودعاء سمعته في عسكرهم في الهواء من السحر، قالوا: اللَّهمّ أنت الرحمن الرحيم، لا إله غيرك، والبديع ليس قبلك شيء، والدائم غير الغافل، [والحي] [٤] الّذي لا يموت، وخالق ما يرى وما لا يرى، وكل يوم أنت في شأن، علمت اللَّهمّ كل شيء بغير تعلم، فعلمت أن القوم لم يعانوا بالملائكة إلا وهم على أمر الله [٥] .

فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمعون من ذلك الهجريّ بعد.


[١] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري، والكرد: الطرد.
[٢] السلك، جمع سلكة، وهو الخيط الّذي يخاط به الثوب.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من أ.
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، وأوردناه من أ.
[٥] الخبر مختصر من الطبري ٣/ ٣١٢، والأغاني ١٥/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>