للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه أبو بكر رضي الله عنه عكرمة بن أبي جهل في خمسمائة مددا لزياد، فقدموا عليه وقد قتل أولئك وغنم أموالهم فأشركهم في الغنيمة.

وتحصنت ملوك كندة ومن بقي معهم في النجير وأغلقوا عليهم فجثم عليهم زياد والمهاجر وعكرمة، وكان في الحصن الأشعث بن قيس، فلما طال الحصار، قال الأشعث: أنا أفتح لكم باب الحصن وأمكنكم ممن فيه على أن تؤمنوا لي عشرة، فأعطوه ذلك، ففتح باب الحصن، ثم عزل عشرة [١] أنفس ولم يعد فيهم نفسه وهو يرى أنهم لا يحسبون به في العشرة، فقالوا: إنما صالحناك على عشرة، فنحن نعفو عن هؤلاء ونقتلك لأنك لم تعد نفسك فيهم، فقال لهم: وإن ظنكم ليدلكم على أني أصالح عن غيري وأخرج بغير أمان، فجادلهم وجادلوه، فقالوا: نرد أمرك إلى أبي بكر رضي الله عنه فيرى فيك رأيه، وأمر زياد بكل من في الحصن أن يقتلوا فقتلوا، وكانوا سبعمائة، وسبى نساءهم وذراريهم، وحمل الأشعث إلى أبي بكر رضي الله عنه، فزعم أنه قد تاب ودخل في الإسلام، وقال: من علي وزوجني أختك، فإني قد أسلمت، فزوجه أبو بَكْر رضي الله عنه أم فروة بنت أبي قحافة، فولدت له محمدا، وإسحاق، وإسماعيل، فأقام بالمدينة، ثم خرج إلى الشام في خلافة عمر رضي الله عنه، وكانت ردة اليمن سنة إحدى عشرة.

روى المؤلف بإسناده عن أبي رجاء العطاردي [٢] ، قال: دخلت المدينة فرأيت/ الناس مجتمعين، ورأيت رجلا يقبل رأس رجل وهو يقول: أنا فداؤك، لولا أنت لهلكنا، فقلت: من المقبل ومن المقبل، قالوا: ذاك عمر يقبل رأس أبي بكر رضي الله عنهما في قتاله أهل الردة إذ منعوا الزكاة حتى أتوا بها صاغرين

. وفي هذه السنة كتب معاذ بن جبل وعمال اليمن إلى أبي بكر يستأذنونه في القدوم، فكتب إليهم:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثكم لما بعثكم له من أمره، فمن كان أنفذ أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشاء أن


[١] في أ: «ثم عد عشرة» .
[٢] في أ: «قال أبو رجاء العطاردي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>