للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حجة خالد] [١] وخرج خالد حاجا من الفراض [٢] متكتما بحجه، يعتسف البلاد [٣] حتى أتى مكة بالسمت [٤] ، فتأتى له من ذلك ما لم يتأت له بدليل، وصار طريقا من طرق أهل الحيرة، فلما علم أبو بكر بذلك عتب عليه، وكانت عقوبته له أن صرفه إلى الشام، وكتب إليه:

سر حتى تأتي بجموع المسلمين باليرموك، وإياك أن تعود لما فعلت، وأتم يتم الله لك ولا يدخلك عجب فتخسر، وإياك أن تدل بعملك فإن الله له المن، وهو ولي الجزاء.

وهذا كله كان في سنة اثنتي عشرة

. ومن الحوادث في هذه السنة [عمرة أبي بكر رضي الله عنه في رجب]

إن أبا بكر اعتمر في رجب، فدخل مكة ضحوة، فأتى منزله وأبو قحافة جالس على باب داره ومعه فتيان يحدثهم، فقيل له: هذا ابنك، فنهض قائما وعجل أبو بكر أن ينيخ راحلته فنزل عنها وهي قائمة، فجعل يقول: يا أبه لا تقم، ثم التزمه وقبل بين عينيه وهو يبكي فرحا بقدومه، وجاء إلى مكة عتاب بن أسيد، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، والحارث بن هِشَام، فسلموا عليه: سلام عليك يا خليفة رسول الله، وصافحوه جميعا، فجعل أبو بكر يبكي حين يذكرون رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، وسلموا/ على أبي قحافة، فقال أبو قحافة: يا عتيق هؤلاء الملأ فأحسن صحبتهم، فقال أبو بكر: يا أبه لا حول ولا قوة إلا باللَّه، طوقت عظيما من الأمر لا قوة لي به ولا يدان إلا باللَّه، وقال: هل أحد يشتكي ظلامة، فما أتاه أحد. وأثنى النّاس على واليهم

. وفي هذه السنة تزوج عمر بن الخطاب عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل.


[١] تاريخ الطبري ٣/ ٣٨٤.
[٢] في الأصل: «من الفراة» .
[٣] اعتسف الطريق إذا قطعه دون صوب توخاه فأصابه.
[٤] السمت: السير على الطريق بالظن.

<<  <  ج: ص:  >  >>