للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَقَدِمَ عِكْرِمَةُ فَانْتَهَى إِلَى بَابِ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَزَوْجَتُهُ مَعَهُ مُتَنَقِّبَةً، قَالَ:

فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَدَخَلْتُ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بِقُدُومِ عِكْرِمَةَ، فَاسْتَبْشَرَ وَوَثَبَ قَائِمًا عَلَى رجليه وما على رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ رِدَاءٌ فَرِحًا بِعِكْرِمَةَ، وَقَالَ: أَدْخِلِيهِ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ هَذِهِ أَخْبَرَتْنِي أَنَّكَ أَمَّنْتَنِي، فقال رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ وَأَنْتَ آمِنٌ» ، قَالَ عِكْرِمَةُ: فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَقُلْتُ: أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ، وَأَصْدَقُ النَّاسِ، وَأَوْفَى النَّاسِ، أَقُولُ ذَلِكَ وَإِنِّي لَمُطَأْطِئُ الرَّأْسِ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَيْتُكَهَا أَوْ مَرْكَبٍ أُوضِعْتُ فِيهِ أُرِيدُ بِهِ إِظْهَارَ الشِّرْكِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «اللَّهمّ اغْفِرْ لِعِكْرِمَةَ كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَانِيهَا، أَوْ نَطَقَ بِهَا أَوْ مَرْكَبٍ أُوضِعَ فِيهِ/ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّ عَنْ سَبِيلِكَ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِخَيْرِ مَا تَعْلَمُ فَأَعْمَلَهُ، قَالَ: «قُلْ أَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَجَاهِدْ فِي سَبِيلِهِ» ثُمَّ قَالَ عِكْرِمَةُ: أَمَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لا أَدَعُ نَفَقَةً كُنْتُ أَنْفَقْتُهَا فِي صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلا أَنْفَقْتُ ضِعْفَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا قِتَالا كُنْتُ أُقَاتِلُ فِي صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلا أَبْلَيْتُ ضِعْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ اجْتَهَدَ فِي الْقِتَالِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَ أَجْنَادِينَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَكَانَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَامَ حَجٍّ عَلَى هَوَازِنَ بِصَدَقَتِهَا.

[قال محمد بن سعد: وأخبرنا عارم بن الفضل، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب] [١] ، عن ابن أبي مليكة، قال:

لما كان يوم الفتح ركب عكرمة بن أبي جهل البحر هاربا يجب بهم البحر، فجعلت الصواري يدعون الله عز وجل ويوحدونه، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا مكان لا ينفع فيه إلا الله عز وجَلَّ، قال: فهذا إله محمد الذي يدعونا إليه، فارجعوا بنا، فرجع فأسلم. وكانت امرأته أسلمت قبله وكانا على نكاحهما.

[قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ] [٢] ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، قَالَ:

قال لي النبي صلّى الله عليه وآله وسلم يَوْمَ جِئْتُهُ: «مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ، مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ


[١] ما بين المعقوفتين: من أ، وفي الأصل: «روى ابن سعد بإسناده عن ابن أبي مليكة» .
[٢] ما بين المعقوفتين: من أ، وفي الأصل: «روى ابن سعد بإسناده عن عكرمة بن أبي جهل» .

<<  <  ج: ص:  >  >>