للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلعت نواصي الخيل من قبل الشام- وكان فتح دمشق قبل القادسية بشهر- وذلك أنه قدم كتاب عُمَر إلى أبي عبيدة بصرف أهل العراق [أصحاب خالد،] فصرفهم، فلما جاءوا سمي هذا اليوم يوم أغواث، وأكثر المسلمون القتل في الأعاجم، ولم تقاتل الأعاجم يومئذ على فيل، لأن أنيابها [١] كانت قد تكسرت، وحمل المسلمون رجالا على إبل قد ألبسوها، فهي مجللة مبرقعة يتشبهون بالفيلة، فلقي أهل فارس يوم أغواث أعظم مما لقي المسلمون من الفيلة يوم أرماث، وجعل رجل من المسلمين يقال له: سواد يتعرض بالشهادة فأبطأت عليه، فتعرض لرستم يريده، فقتل دونه، وحمل القعقاع بن عمر يومئذ ثلاثين حملة، قتل في كل حملة رجل، وكان آخر من قتل بزرجمهر الهمذاني.

وروى مجالد [٢] ، عن الشعبي، قال: كانت امرأة من النخع لها بنون أربعة شهدوا القادسية، فقالت لبنيها: إنكم أسلمتم فلم تبدلوا، وهاجرتم فلم تثوبوا، [٣] ولم تنب بكم البلاد، ولم تقحمكم السنة، ثم جئتم بأمكم عجوز كبيرة فوضعتموها بين يدي أهل فارس، والله إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، انطلقوا فاشهدوا أول القتال وآخره، فأقبلوا يشتدون، فلما غابوا عنها رفعت يديها قبل السماء وقالت: اللَّهمّ ادفع عن بني، فرجعوا إليها وقد أحسنوا/ القتال، ما كلم منهم رجل [كلما] [٤] ، فرأيتهم بعد ذلك يأخذون ألفا ألفا من العطاء [٥] ، ثم يأتون أمهم فيلقونه في حجرها، فترده عليهم وتقسمه فيهم على ما يرضيهم.

وقد رويت لنا هذه الحكاية أتم من هذا.

[أخبرنا المحمدان ابن أبي منصور، وابن عبد الباقي، قالا: أخبرنا جعفر بن أَحْمَد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ علي الثوري، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الدَّقَّاق، قَالَ:

أَخْبَرَنَا ابْن صفوان، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بن عبيد، قال: حدّثني أحمد بن حميد


[١] في أ، والطبري ٣/ ٥٤٤: «توابيتها» .
[٢] تاريخ الطبري ٣/ ٥٤٤.
[٣] في الأصل، وبعض النسخ المخطوطة من الطبري: تثربوا» .
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأوردناه من الطبري.
[٥] في الطبري: «ألفين ألفين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>