للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسرح معاوية إلى قيسارية، وكتب إلى عمرو يصدم الأرطبون، وإلى علقمة يصدم الفيقار.

فسار [١] معاوية إلى قيسارية، فهزم أهلها وحصرهم فيها، فجعلوا كلما خرجوا إليه هزمهم وردهم إلى حصنهم، ثم قاتلوا فبلغت قتلاهم ثمانين ألفا، وكملت في هزيمتهم بمائة ألف. وانطلق علقمة، فحصر الفيقار بغزة، وصمد عمرو إلى الأرطبون ومن بإزائه، وخرج معه شُرَحْبيل بن حسنة على مقدمته، فنزل على الروم بأجنادين والروم في حصونهم، وعليهم الأرطبون، وكان أدهى الروم وأبعدهم غورا، وكان قد وضع بالرملة جندا عظيما، وبإيلياء جندًا عظيما، فأقام عمرو على أجنادين لا يقدر من الأرطبون على شيء، فوليه بنفسه ودخل عَلَيْهِ كأنه رسول، فأبلغه ما يريد، وسمع كلامه، وتأمل حصنه، فقال الأرطبون في نفسه: هذا عَمْرو، ثم دعا حرسيا، فقال: أخرج، فأقم مكان كذا وكذا، فإذا مر بك فاقتله، وفطن له عمرو، فَقَالَ: قد سمعت مني وسمعت منك، وأنا واحد من عشرة بعثنا عمر مع هذا الوالي، فأرجع فآتيك بهم، فإن رأوا في الذي عرضت مثل الذي أرى، وإلا رددتم إلى مأمنهم. فقال: نعم، ثم قَالَ لرجل كان هناك:

اذهب إلى فلان فرده إلي، ثم بان له أن عمرو قد خدعه، فبلغ الخبر إلى عمر، فقال: للَّه در عمرو، ثم التقوا بأجنادين، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى بينهم، وانهزم أرطبون، فأوى إلى إيلياء، ونزل عمرو بأجنادين، فكتب إليه أرطبون: والله لا تفتح من فلسطين شيئا بعد أجنادين، فارجع لا تغن [٢] ، وإنما صاحب الفتح رجل اسمه عَلَى ثلاثة أحرف، فعلم عمرو أنه عمر، فكتب إلى عمر يعلمه أن الفتح مدخر له، فنادى له النّاس، واستخلف علي بن أبي طالب، فقال له علي: أين تخرج بنفسك؟ / فقال: أبادر لجهاد العدو موت العباس، إنكم لو قد فقدتم العباس لانتقض بكم الشر كما ينتقض [أول] ( [٣] الحبل.

فمات العباس لست خلون من إمارة عثمان، وانتقض بالناس الشر.


[١] تاريخ الطبري ٣/ ٦٠٤.
[٢] كذا في الأصول، وفي الطبري ٣/ ٦٠٦: «لا تغر» .
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأ، وأوردناه من الطبري، وظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>