للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسلم العلاء قديما، وبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ منصرفه من الجعرانة إلى المنذر بن ساوي العبدي بالبحرين، وكتب معه كتابا/ يدعوه فيه إلى الإسلام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ ولى العلاء البحرين ثم عزله عنها، وبعث أبا سعيد [١] عاملا عليها فلم يزل عليها إلى أن توفي رَسُول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فأقبل إلى المدينة وترك العمل، فبعث أبو بكر العلاء.

[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عبد الباقي، قال: أخبرنا الجوهري، قال: أخبرنا ابن حيوية، قال: أخبرنا أحمد بن معروف، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا علي بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيُّ، وَغَيْرِهِ، عَنْ مُجَالِدٍ] [٢] ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:

كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين: أن سِرْ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ عمله، واعلم أنك تقدم على رجل من الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الْحُسْنَى، لَمْ أَعْزِلْهُ أَنْ لا يَكُونَ عَفِيفًا صَلِيبًا شَدِيدَ الْبَأْسِ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَغْنَى عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مِنْهُ، فَاعْرِفْ لَهُ حَقَّهُ، وَقَدْ وَلَّيْتُ قَبْلَكَ رَجُلا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ، فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَلِيَ عُتْبَةُ فَالْخَلْقُ وَالأَمْرُ للَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ، فَانْظُرْ إِلَى الَّذِي خُلِقْتَ لَهُ، فَاكْدَحْ لَهُ وَدَعْ مَا سِوَاهُ فَإِنَّ الدُّنْيَا أَمَدٌ وَالآخِرَةُ أَبَدٌ، وَلا يَشْغَلَنَّكَ شَيْءٌ مُدْبِرٌ خَيْرُهُ عَنْ شَيْءٍ بَاقٍ خَيْرُهُ، وَاهْرُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ سَخَطِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَجْمَعُ لِمَنْ شَاءَ الْفَضِيلَةَ فِي حُكْمِهِ وَعِلْمِهِ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكَ الْعَوْنَ عَلَى طَاعَتِهِ وَالنَّجَاةَ مِنْ عَذَابِهِ.

قَالَ: فَخَرَجَ الْعَلاءُ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدِمَ الْبَصْرَةَ فِي رَهْطٍ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ [وَأَبُو بَكْرَةَ] فَلَمَّا كَانُوا قَرِيبًا مِنْ أَرْضِ تَمِيمٍ مَاتَ الْعَلاءُ، فَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَأَبُو بَكْرَةَ قَدِمَ الْبَصْرَةَ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ مِنَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ لا أَزَالُ أُحِبُّهُ أَبَدًا: رَأَيْتُهُ قَطَعَ الْبَحْرَ عَلَى فَرَسِهِ يَوْمَ دَارِينَ، وَقَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ البحرين،


[١] في أ: «وبعث سعيد» .
[٢] ما بين المعقوفتين: من أ، وفي الأصل: «روى المؤلف بإسناده عن الشعبي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>