للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي نَفْسِي إِلَى مَوْضِعٍ فِي عَرِينِي، وَأَنَّ مُحَمَّدًا سَيَظْهَرُ، وَدَافَعَتْهُ قُرَيْشٌ بِالرِّمَاحِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقُلْتُ: أَيْنَ أَذْهَبُ [١] ؟ وَقُلْتُ: أَخْرُجُ إِلَى هِرَقْلَ، ثُمَّ قُلْتُ: أَخْرُجُ مِنْ دِينِي إِلَى نَصْرَانِيَةٍ أَوْ إِلَى يَهُودِيَّةٍ، فَأُقِيمُ مَعَ الْعَجَمِ تَابِعًا لَهَا مَعَ عَيْبِ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَدَخَلَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ [مَكَّةَ] [٢] عَامَ الْقَضِيَّةِ فَتَغَيَّبْتُ، فَكَتَبَ إِلَيَّ أَخِي: لَمْ أَرَ أَعْجَبَ مِنْ ذَهَابِ رَأْيِكَ عَنِ الإِسْلامِ، وَعَقْلُهُ عَقْلُكَ [٣] ، وَمِثْلُ الإِسْلامِ جَهِلَهُ أَحَدٌ، وَقَدْ سَأَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ عَنْكَ، فَقَالَ: أَيْنَ خَالِدٌ؟ فَقُلْتُ: يَأْتِي اللَّهُ بِهِ [٤] . فَقَالَ: «مَا مِثْلُ خَالِدٍ جَهِلَ الإِسْلامَ» ، فَاسْتَدْرِكْ يَا أَخِي مَا فَاتَكَ. فَلَمَّا جَاءَنِي كِتَابُهُ نَشَطْتُ لِلْخُرُوجِ، وَزَادَنِي رَغْبَةً فِي الإِسْلامِ، وَسَرَّتْنِي مَقَالَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَأَرَى فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي فِي بِلادٍ ضيقة جدبة، فخرجت إلى بلد أَخْضَرَ وَاسِعٍ فَقُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا، فَذَكَرْتُ بَعْدُ لأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لِي: هُوَ مَخْرَجُكَ الَّذِي هَدَاكَ اللَّهُ فِيهِ إِلَى الإِسْلامِ، وَالضِّيقُ: الشِّرْكُ. فَأَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَطَلَبْتُ مِنْ أَصَاحِبَ، فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ، فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي أُرِيدُ، فَأَسْرَعَ الإِجَابَةَ، وَخَرَجْنَا جَمِيعًا، فَأَدْلَجْنَا سَحَرًا، فَلَمَّا كُنَّا بِالْهَدَّةِ إِذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ، فَقُلْنَا: وَبِكَ. قَالَ: أَيْنَ مَسِيرُكُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَاصْطَحَبَنَا حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ صَفَرَ سَنَة ثَمَانٍ، فَلَمَّا طَلَعْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم سلّمت عليه بالنّبوّة، فردّ عليّ السلام بِوَجْهٍ طَلْقٍ، فَأَسْلَمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «قَدْ كُنْتُ أَرَى لَكَ عَقْلا رَجَوْتُ أَنْ لا يُسْلِمَكَ إِلا إِلَى خَيْرٍ» وَبَايَعْتُ رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ وقلت: استغفر الله لي [٥] كلما أُوضِعْتُ فِيهِ مِنْ صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ: «إِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» ثُمَّ اسْتَغْفِرْ لِي، وَتَقَدَّمَ عَمْرٌو، وَعُثْمَانُ بْنُ طلحة فأسلما، فو الله مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم من يوم أسلمت


[١] في ت: «أين المذهب» .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٣] في ت: «عقلك عقلك» .
[٤] في الأصل: «يأتي الفرية» .
[٥] في ت: «استغفر لي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>