للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طاهر المخلص قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن سليمان بن داود الطوسي قال:

حدثنا الزبير بْن بكار قَالَ: حدثني عمي مُصْعَبُ] [١] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: غَزَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَفْرِيقِيَّةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ، فَحَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بن حبيب قال: قال عبد الله بن الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيرُ فِي عَسْكَرِنَا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، فَاخْتَلَطُوا بِنَا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَسَقَطَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، وَنَحْنُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ أَبِي السَّرْحِ، فَدَخَلَ فُسْطَاطًا لَهُ فَخَلا فِيهِ، وَرَأَيْتُ غُرَّةً مِنْ جُرْجِيرَ، بَصُرْتُ بِهِ خَلْفَ عَسَاكِرِهِ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ، مَعَهُ جَارِيَتَانِ تُظِلانِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيسِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ جُنْدِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَقِيلَ: قَدْ خَلا فِي فُسْطَاطِهِ، فَأَتَيْتُ حَاجِبَهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْذَنَ لِي عَلَيْهِ، فَدُرْتُ مِنْ كَسْرِ الْفُسْطَاطِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ فَرَعَ واستوى جالسا، فقال: ما أدخلك عليّ يا ابن الزُّبَيْرِ؟ قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ عَوْرَةً مِنَ الْعَدُوِّ [فَاخْرُجْ] [٢] فَانْدُبْ لِيَ النَّاسَ. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ فأخبرته فخرج معي سريعا، فقال: يا أيها النَّاسُ، انْتَدِبُوا مَعَ ابْنِ الزُّبيرِ، فَاخْتَرْتُ ثَلاثِينَ فَارِسًا، وَقُلْتُ لِسَائِرِهِمُ: اثْبُتُوا [٣] عَلَى مَصَافِّكُمْ. وَحَمَلْتُ فِي الْوَجْهِ الَّذِي رَأَيْتُ فِيهِ جُرْجِيرَ، وَقُلْتُ لأصحابي: احموا لي ظهري، فو الله مَا نَشِبْتُ أَنْ خَرَقْتُ الصَّفَّ إِلَيْهِ، فَخَرَجْتُ صَامِدًا لَهُ، وَمَا يَحْسِبُ [٤] هَؤُلاءِ أَصْحَابُهُ إِلا أَنِّي رَسُولٌ إِلَيْهِ حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُ، فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَثَنَى بِرْذَوْنَهُ مُوَلِّيًا، فَأَدْرَكْتُهُ فَطَعَنْتُهُ، فَسَقَطَ وَسَقَطَتِ الْجَارِيَتَانِ عَلَيْهِ، وَأَهْوَيْتُ إِلَيْهِ مُبَادِرًا/ فَدَقَقْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ، وَأَصَبْتُ يَدَ إِحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ فَقَطَعْتُهَا، ثم احترزت رأسه فنصبته في رمحة، وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْوَجْهِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، وَأَرْفَضَ الْعَدُوُّ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَمَنَحَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ أَكْتَافَهُمْ، فَلَمَّا أَرَادَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ أَنْ يُوَجِّهَ بَشِيرًا إِلَى عُثْمَانَ قَالَ: أنت أولى من هاهنا بِذَلِكَ. فَانْطَلِقْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنيِنَ فَقَدِمْتُ عَلَى عُثْمَانَ فَأَخْبَرْتُهُ بِفَتْحِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ، وَوَصَفْتُ لَهُ أَمْرَنَا كَيْفَ كَانَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤَدِّيَ هَذَا إِلَى


[١] في الأصل: «روى المؤلف بإسناده عن مصعب ... » .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٣] في الأصل: «وأكبوا» .
[٤] في ت: «ولا يحسب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>