للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَعْنِي آتِي الْكُوفَةَ فَلا يَفْجَؤُكَ إِلا وَأَنَا فِي خَيْلٍ، فَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ فِي ذَلِكَ. وَسَمِعَ الْمِغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ بِذَلِكَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّ لَكَ حَقَّ الطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ، أَقْرِرْ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَمَلِهِ، وَابْنَ عَامِرٍ وَالْعُمَّالَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، حَتَّى إِذَا أَتَتْكَ طَاعَتُهُمْ وَبَيْعَةُ الْجُنُودِ اسْتَبْدَلْتَ أَوْ تَرَكْتَ. فَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ.

فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَعَادَ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: إِنِّي أَشَرْتُ عَلَيْكَ بِالأَمْسِ بِرَأْيِ، وَإِنَّ الرَّأْيَ أَنْ تُعَاجِلَهُمْ بِالنُّزُوعِ، فَيَعْرِفَ السَّامِعُ/ مِنْ غَيْرِهِ ويستقبل أمرك، ثم خرج ٢٦/ أوتلقاه ابْنُ عَبَّاسٍ [خَارِجًا وَهُوَ دَاخِلٌ] [١] ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى عَلِيٍّ، قَالَ: رَأَيْتُ الْمُغِيرَةَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِكَ [فَفِيمَ جَاءَكَ؟] [٢] قَالَ: جَاءَنِي أَمْسِ بِكَذَا وَالْيَوْمَ بِكَذَا، فَقَالَ: أَمَّا أَمْسِ فَقَدْ نَصَحَكَ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ غَشَّكَ، قَالَ: فَمَا الرَّأْيُ؟ قَالَ: كَانَ الرَّأْيُ أَنْ تَخْرُجَ حِينَ قُتِلَ الرَّجُلُ أَوْ قَبْلَهُ، فَتَأْتِيَ مَكَّةَ فَتَدْخُلَ دَارَكَ وتغلق بابك، فإن كانت الْعَرَبَ جَائِلَةٌ مُضْطَرِبَةٌ فِي أَثَرِكَ لا تَجِدُ غَيْرَكَ، فَأَمَّا الْيَوْمُ فَإِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ يَسْتَحْسِنُونَ الطَّلَبَ بِأَنْ يُلْزِمُوكَ شُعْبَةً مِنْ هَذَا الأَمْرِ، وَيُشْبِهُونَ عَلَى النَّاسِ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْن سُهَيْلٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [٣] ، قَالَ: دَعَانِي عُثْمَانُ فَاسْتَعْمَلَنِي عَلَى الْحَجِّ، فَأَقَمْتُ لِلنَّاسِ الْحَجَّ وَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ كِتَابَ عُثْمَانَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ بُويِعَ لِعَلِيٍّ، فَأَتَيْتُهُ فِي دَارِهِ، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ مُسْتَخْلِيًا بِهِ، فَحَبَسَنِي حَتَّى خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَاذَا قَالَ لَكَ؟

قَالَ: قَالَ لِي مَرَّةً قَبْلَ مَرَّتِهِ هَذِهِ: أَرْسِلْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ وَمُعَاوِيَةَ [وَعُمَّالِ عُثْمَانَ] [٤] بِعُهُودِهِمْ وَأَقِرَّهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَيُبَايِعُونَ لَكَ النَّاسَ، فَأَبْيَتُ هَذَا عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: لا وَلَّيْتُ هَؤُلاءِ أَبَدًا وَلا مِثْلُهُمْ يُوَلَّى، ثم انصرف وأنا أعرف أنه يَرَانِي مُخْطِئًا، ثُمَّ عَادَ إِلَيَّ الآنَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَصْنَعَ الَّذِي رَأَيْتُ فتنزعهم وتستعين بمن تثق به.


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، وأوردناه من الطبري.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٣] الخبر في تاريخ الطبري ٤/ ٤٣٩.
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>