للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّؤَلِيِّ، فَقَالَ: انْطَلِقَا إِلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَاعْلَمَا عِلْمَهَا وَعِلْمَ مَنْ مَعَهَا. فَخَرَجَا فَانْتَهَيَا إِلَيْهَا، فَاسْتَأْذَنَا فَأُذِنَ لَهُمَا، فَقَالا: إِنَّ أَمِيرَنَا بَعَثَنَا إِلَيْكِ يَسْأَلُكِ عَنْ مَسِيرَكِ، فَهْل أَنْتِ مُخْبِرَتُنَا؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا مِثْلِي يَسِيرُ بِالأَمْرِ الْمَكْتُومِ، إِنَّ الْغَوْغَاءَ مِنْ أَهْلِ الأَمْصَارِ [وَنُزَّاعَ الْقِبَائِلِ] [١] غَزَوْا حَرَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْدَثُوا فِيهِ الأَحْدَاثَ وَآوَوْا فِيهِ [٢] الْمُحْدِثِينَ، فَاسْتَحَلُّوا الدَّمَ الْحَرَامَ فَسَفَكُوهُ وَانْتَهَبُوا، فَخَرَجْتُ فِي الْمُسْلِمِينَ أُعْلِمُهُمْ مَا أَتَى هَؤُلاءِ الْقَوْمُ وَمَا ينبغي لهم أَنْ يَأْتُوا فِي إِصْلاحِ هَذَا.

فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهَا فَأَتَيَا طَلْحَةَ، فَقَالا: مَا أَقْدَمَكَ؟ قَالَ: الطلب بدم عثمان، قالا:

٣١/ ب أَلَمْ تُبَايِعْ/ عَلِيًّا؟ قَالَ: بَلَى، وَاللُّجُّ عَلَى عُنُقِي [٣] ، وَمَا أَسْتَقِيلُ عَلِيًّا إِنْ هُوَ لَمْ يَحُلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، ثُمَّ أَتَيَا الزُّبَيْرَ فَقَالا لَهُ مِثْلَ مَا قَالا لِطَلْحَة، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. فَنَادَى عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ فِي النَّاسِ وَأَمَرَهُمْ بِلُبْسِ السِّلاحِ، وَقَامَ رَجُلٌ فقال للناس: يا أيها الناس، إن هؤلاء القوم إن كانوا جَاءُوا خَائِفِينَ فَقَدْ جَاءُوا مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يَأْمَنُ بِهِ الطَّيْرُ، وَإِنْ كَانُوا جَاءُوا يَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ فَمَا نَحْنُ بِقَتَلَةِ عُثْمَانَ. أَطِيعُونِي، وَرُدُّوهُمْ. فَقَالَ الأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ: إِنَّمَا فَزِعُوا إِلَيْنَا لِيَسْتَعِينُوا بِنَا عَلَى قَتَلَةِ عُثْمَانَ، فَحَصِبَهُ النَّاسُ.

فَتَكَلَّمَ طَلْحَةُ فَدَعَا إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، فَتَحَاصَبَ النَّاسُ، فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ وَقَالَتْ: يَنْبَغِي أَخْذُ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، فَتَحَاصَبَ الْقَوْمُ.

وَأَقْبَلَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ، فَأَنْشَبَ الْقِتَالَ، وَأَصْحَابُ عَائِشَةَ كَافُّونَ إِلا مَا دَافَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَغَدَا حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ يُبَرْبِرُ وفَِي يَدِهِ الرُّمْحُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ: مَنِ الَّذِي تسب؟ قال: عائشة، قال: يا بن الْخَبِيثَةِ، أَلأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ هَذَا، فَوَضَعَ حَكِيمٌ السِّنَانَ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ فَقَتَلَهُ. ثُمَّ اقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، وَمُنَادِي عَائِشَةَ يُنَاشِدُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى الْكَفِّ فَيَأْبَوْنُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لا تَقْتُلُوا إِلا مَنْ قَاتَلَكُمْ، وَنَادَوْا: مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَلْيَكْفُفْ عَنَّا، فَإِنَّا لا نُرِيدُ إِلا قَتَلَةَ عُثْمَانَ، فَأَنْشَبَ حَكِيمٌ الْقِتَالَ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قتال.


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، وأوردناه من الطبري.
[٢] في الأصل: «الأحداث وأقراوا فيه» .
[٣] في الأصل: «على عاتقي» ، وما أوردناه عن ت، والطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>