للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أشكل هَذَا قوم غلبت عَلَيْهِم الظواهر، وقل فهمهم، وظنوا أَنَّهُ قَوْل السماء حقيقة، وأنها أخرجت شمسها بفعل، وَهَذَا سوقهم، لأن قَوْله أتيا طوعا معناه كونا بتكويننا، وَهُوَ تقريب إِلَى الأفهام تقريره لا بد من فعل مَا يريده لو قدرنا أَن السماء موجودة أَن يوافق أَوْ يخالف، ويوضح هَذَا أنهما إِن كانتا حالة الْخَطَّاب معدومتين، فالمعدوم لا يخاطب، وإن كانتا موجودتين استغنتا بوجودهما عَن التكوين، ثُمَّ أي قدرة لهما فِي إخراج شمس أَوْ قمر، وهل خالق إلا اللَّه، وإنما المراد كوني بتكويني إياك، ومثله [قَوْله] [١] تَعَالَى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ١٦: ٤٠ [٢] . وقوله:

كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ٢: ٦٥ [٣] . كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً ١٧: ٥٠ [٤] ، وَهَذَا من توسع العرب فِي الْخَطَّاب يقصدُونَ بِهِ إعلام المخاطب بسرعة التكوين.

قَالَ مجاهد [فِي] [٥] قَوْله تَعَالَى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ٥٥: ١٧ [٦] قَالَ:

مشرق الشتاء ومشرق الصيف، ومغرب الشتاء ومغرب الصيف.

قَالَ ابْن عَبَّاس: يطلع كُل سنة في ثلاثمائة وستين كوة، كُل يَوْم فِي كوة فلا يرجع إِلَى تلك الكوة فِي ذَلِكَ اليوم من العام للمقبل.

وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى الشَّمْسَ حِينَ غَابَتْ فَقَالَ:

«فِي نَارِ اللَّهِ الْحَامِيةَ لَوْلا مَا يَزِعَّهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لأَهْلَكَتْ مَا عَلَى الأَرْضِ» [٧] .

قَالَ أَبُو الْحُسَيْن أَحْمَد بْن جَعْفَر: قَدْ نظر بَعْض النَّاس أَن ذَلِكَ دعاء على الشمس، وليس كذلك، إنما هُوَ وصف للعين الَّتِي تواري الشمس فِي قوله تعالى:

تَغْرُبُ في عَيْنٍ حَمِئَةٍ ١٨: ٨٦ [٨] .


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٢] سورة: النحل، الآية: ٤٠.
[٣] سورة: البقرة، الآية: ٦٥، سورة: الأعراف، الآية: ١٦٦.
[٤] سورة الإسراء، الآية: ٥٠.
[٥] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٦] سورة: الرحمن، الآية: ٣٨.
[٧] الحديث أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ٢/ ٢٠٧، وابن كثير في البداية ٢/ ١٠٧، وفي التفسير ٥/ ١٨٨، والطبري في التفسير ١٦/ ١٠.
[٨] سورة: الكهف، الآية: ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>