للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمعاوية: هل لك فِي أمر أعرضه عليك لا يزيدنا إلا اجتماعا، ولا يزيدهم إلا فرقة، قَالَ: نعم قَالَ: نرفع المصاحف ثم نقول: ما فيها حكم بيننا وبينكم فإن أبى بعضهم أن يقبل، وقَالَ بعضهم: بل نقبل، فتكون فرقة تقع بينهم، وإن قالوا: نقبل، رفعنا هذا القتال إلى أجل.

فرفعوا المصاحف بالرماح وقالوا: هذا كتاب الله بيننا وبينكم، من لثغور أهل الشام بعد أهل الشام، ومن لثغور أهل العراق بعد أهل العراق. فلما رأى الناس المصاحف قد رفعت، قالوا: نجيب إلى كتاب الله ونثيب إليه، فقَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ما رفعوها إلا خديعة، فقالوا له: ما يسعنا أن ندعى إلى كتاب الله فنأبى أن نقبله، فقَالَ: إني إنما أقاتلهم بحكم الكتاب، فقَالَ له مسعر بن فدكي التميمي، وزيد بن حصين الطائي فِي عصابة معهما من القراء الذين صاروا خوارج بعد ذلك: يا علي، أجب إلى كتاب الله إذا دعيت إليه، وإلا ندفعك برمتك إلى القوم، أو نفعل ما فعلنا بابن عفان، إنه أبى علينا أن نعمل بما فِي كتاب الله فقتلناه، والله لتفعلنها أو لنفعلنها بك.

قَالَ: أما أنا فإن تطيعوني تقاتلوا، وإن تعصوني فاصنعوا ما بدا لكم، قالوا: فابعث إلى الأشتر فليأتك. فأرسل إليه، فقَالَ للرسول: إني قد رجوت أن يفتح الله لي فلا تعجلني. فارتفع الرهج من قبل الأشتر، فقَالَ القوم: ما نراك أمرته إلا بالقتال، فقَالَ: هل رأيتموني ساررته؟

قالوا: فابعث إليه فليأتك وإلا اعتزلناك/ فبعث إليه: أقبل إلي فإن الفتنة قد وقعت. فلما ٤٧/ ب بلغه ذلك، قَالَ: ألرفع المصاحف؟ قَالَ: نعم، قَالَ: أما والله لقد ظننت حين رفعت أنها ستوقع اختلافا وفرقة، فقَالَ له الرسول: أتحب أن تظفرها هنا وتسلم أمير المؤمنين إلى عدوه؟ فأقبل حتى انتهى إليهم، فقَالَ: يا أهل العراق، يا أهل الذل والوهن، أحين قهرتم القوم رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها، وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها، أمهلوني فإني قد رأيت النصر، فقالوا: إذا ندخل معك فِي خطيئتك، فقَالَ: خدعتم والله فانخدعتم، فسبوه وسبهم. وقَالَ الناس: قد قبلنا أن نجعل القرآن بيننا [وبينهم حكما] [١] .


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>