للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعثوا إلى زيد بن حصن الكناني [١] ، وكان من رءوسهم، فعرضوها عليه فأبى، وعرضوها على عَبْد اللَّهِ بن وهب الراسبي، فقَالَ: هاتوها، أنا والله لا آخذها رغبة فِي الدنيا ولا أدعها فرقا من الموت، وذلك بعد ما عرضوها على حرقوص، فأبى وعرضوها على حمزة فأبى، وعرضوها على شريح بن أوفى/ العبسي فأبى ولم يقبلها غير ابن ٥٢/ أوهب الراسبي، وقَالَ ما قَالَ.

ثم إنهم اجتمعوا فِي منزل زيد بن حصن، فقَالَ: إن الله قد أخذ عهودنا ومواثيقنا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد قَالَ: وَمن لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ٥: ٤٤ [٢] وَمن لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٥: ٤٥ [٣] وَمن لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ٥: ٤٧ [٤] فاشهد على أهل دعوتنا من أهل قبلتنا أنهم قد اتبعوا الهوى ونبذوا حكم الكتاب، وجاروا فِي القول والفعل، وإن جهادهم حق على المؤمنين، وأقسم بالذي تعنو له الوجوه، وتخشع له الأبصار إني لو لم أجد على تغيير الجور، وقتال القاسطين أحدا مساعدا لمضيت فردا حتى ألقى ربي ليرى أني قد عبرت إرادة رضوانه.

فقَالَ عَبْد اللَّهِ بن وهب: اشخصوا بنا إلى بلدة نجتمع فيها [٥] . فقَالَ شريح:

اخرجوا إلى المدائن فلننزلها ولنأخذ بأبوابها، ونخرج منها سكانها، ونبعث إلى إخواننا من أهل البصرة فيقدمون علينا، فقَالَ زيد: إنكم إن خرجتم يرى لكم جماعة تبعتم، ولكن اخرجوا وحدانا، فأما المدائن فإن بها قوما يمنعونها منكم، ولكن اكتبوا إلى إخوانكم من أهل البصرة فأعلموهم بمخرجكم، وسيروا حتى تنزلوا جسر النهروان، قالوا: هذا الرأي.

وأجمعوا على ذلك، وكتبوا إلى أهل البصرة، وخرجوا ليلة السبت وحدانا يتسللون، فبلغ خبرهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكتب إليهم وهو بالنهر.


[١] كذا في الأصلين، وفي الطبري: «الطائي» .
[٢] سورة: المائدة، الآية: ٤٤.
[٣] سورة: المائدة، الآية: ٤٥.
[٤] سورة: المائدة، الآية: ٤٧.
[٥] في الأصل: «إلى البلدة بعد فيها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>