للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا أن قوما يقولون: إنما بعث محمدا بعد الأشتر، والله أعلم.

٦٠/ ب ولما/ انصرف الحكمان [١] بايع أهل الشام معاوية بالخلافة ولم يزدد معاوية إلا قوة، واختلف الناس بالعراق على علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فما كان لمعاوية هم إلا مصر، وكان يرجو أنه إذا أظهر عليها ظهر على حرب علي لعظم خراجها، وكان عمرو بن العاص صالح معاوية حين بايعه على قتال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على أن له مصر طعمة ما بقي. فلما أراد معاوية أخذ مصر استشار أصحابه، فقَالَ عمرو: أرى أن نبعث جيشا كثيفا عليهم رجل حازم صارم تأمنه وتثق به فيأتي مصر، فإنه سيأتيه من كان على مثل ذلك فتظاهره على عدوك، فقَالَ معاوية: هل عندك غير هذا؟ قَالَ: ما أعلمه، قَالَ معاوية: بلى، فكاتب من بها، فأما شيعتنا فنأمرهم بالثبات على أمرهم ونمنيهم قدومنا عليهم، وأما عدونا فندعوهم إلى صلحنا ونمنيهم شكرنا ونخوفهم حربنا، فإن صلحوا لنا وإلا كان حربهم من وراء ذلك، فقَالَ عمرو: اعمل بما ترى، فو الله ما أرى أمرك وأمرهم يؤول إلا إلى الحرب.

فكتب معاوية إلى مسلمة بن مخلد الأنصاري، وإلى معاوية بن حديج السكوني [الكندي] [٢] ، أما بعد: فإن الله تعالى قد ابتعثكما لأمر أعظم به أجركما، ورفع به ذكركما، طلبكما بدم الخليفة، فابشرا برضوان الله. فقدم به رسوله إلى مصر ومُحَمَّد بن أبي بكر أميرها، فكتبا إليه: عجل بخيلك ورجلك يفتح الله عليك. فبعث عمرو بن العاص فِي ستة آلاف، فخرج فاجتمع إليه العثمانية، وكتب إلى مُحَمَّد بن أبي بكر:

تنح عني بدمك فإني لا أحب أن يصيبك مني ظفر، وكتب إليه معاوية: إني لا أعلم أحدا كان أعظم على عثمان بلاء منك، فلا تظنن أني نائم عنك. فبعث الكتابين إلى علي وكتب إليه: أما بعد، فإن ابن العاص قد نزل أراضي مصر، واجتمع إليه أهل البلد، وقد رأيت من قبلي بعض الفشل، فإن كان لك فِي أرض مصر حاجة فأمدني بالرجال والأموال.

فكتب إليه علي: اصبر لعدوك وإن كانت فئتك أقل الفئتين، فإني باعث إليك


[١] تاريخ الطبري ٥/ ٩٧.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>