للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر]

٣٦٧- جبلة بن الأيهم: [١]

كان ملك غسان، فكتب إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعوه إلى الإسلام، فأسلم وكتب بإسلامه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له هدية، ثم لم يزل مسلما حتى كان فِي زمان عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فوطئ رجل من مزينة [٢] ، فوثب المزني فلطمه، وكان ذلك بدمشق، فأخذ الرجل فانطلق به إلى أبي عبيدة بن الجراح، فقالوا: هذا لطم جبلة بن الأيهم، قَالَ: فليلطمه، قالوا: وما يقتل؟ قَالَ: لا، قالوا: فما تقطع يده؟ قَالَ: لا، إنما أمر الله عز وجل بالقود، قَالَ جبلة: أترون أني جاعل وجهي ندا لوجه جدر جاء من عمق- يعني ١٠٣/ ب موضعا فِي ناحية المدينة- بئس الدين هذا. ثم ارتد نصرانيا، وترحل/ بقومه حتى دخل أرض الروم، فبلغ ذلك عمر فشق ذلك عليه.

وروي لنا خبره على غير هذا الوجه، وأنه أسلم فِي زمن عمر. قَالَ أبو عمرو الشيباني: كتب جبلة إلى عمر بن الخطاب يستأذنه فِي القدوم عليه، فأذن له عمر، فخرج إليه في خمسمائة من بنيه حتى إذا كان على مرحلتين كتب إلى عمر يعلمه بذلك، فسر عمر وبعث إليه بإنزال، وأمر جبلة مائتي رجل من أصحابه فلبسوا الديباج والحرير، وركبوا الخيل معقودة أذنابها وألبسوها قلائد الذهب والفضة، ولبس جبلة تاجه وفيه قرط مارية، وهي جدته، ودخل المدينة فلم يبق بها بكر ولا عانس إلا خرجت تنظر إليه وإلى زيه، فلما انتهى إلى عمر رحب به وألطفه وأدنى مجلسه، ثم خرج عمر إلى الحج، فحج معه جبلة، فبينما هو يطوف بالبيت وطئ إزاره رجل من بني فزارة فانحل، فرفع جبلة يده فهشم أنفه، فاستعدى عليه عمر، فبعث إلى جبلة، فقَالَ له: ما هذا؟ قَالَ: نعم يا أمير المؤمنين، إنه تعمد حل إزاري ولولا حرمة الكعبة لضربت بين عينيه بالسيف، فقَالَ له عمر: قد أقررت، فإما أن ترضي الرجل وأما أن أقيد منك، قَالَ جبلة: تصنع بي ماذا؟

قَالَ: آمر بهشم أنفك كما فعلت، قَالَ، كيف ذلك وهو سوقة وأنا ملك؟ قَالَ: إن


[١] ابن خلدون ٢/ ٢٨١، وخزانة البغدادي ٢/ ٢٤٢، والنويري ١٥/ ٣١١. وفي الأصل: «ابن الأهيم» .
والبداية أيضا.
[٢] راجع هذا الخبر في الأغاني ١٥/ ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>