للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل لقي الوكيل، فقَالَ له: إن الأمير قد أمر لك بشيء فائت بمن يحمله معك، فقَالَ:

ما عندي من يحمل، ثم انصرف إلى زوجته فأخبرها الخبر وجعل يلومها ويقول: ما أظنه أمر لي إلا بقوصرة تمر وقفيز بز وذهب ماء وجهي، لو كانت/ دراهم أعطانيها، فقالت له ١٢١/ أامرأته: يا هذا، قد بلغ بنا الأمر ما ترى فمهما أعطاك فإنه يقوتنا، فأتى الوكيل، فقَالَ:

أين تكون؟ أخبرت الأمير أنه ليس عندك من يحمل فأمرني أن أوجه معك من يحمل معك ما أمر به، ثم أخرج إليه ثلاثة من السودان على رأس كل واحد منهم بدرة دراهم وقَالَ: امضوا معه، فلما بلغ الرجل باب منزله فتح بدرة منها فأخرج دراهم ودفعها إلى السودان وقَالَ: انصرفوا، قَالُوا: إلى أين، نحن عبيدك، إنه ما حمل مملوك للأمير قط هدية إلى أحد فرجع المملوك إلى ملكه. قال: فصلحت حال الرجل.

ولما احتضر سعيد قَالَ لبنيه: لا يفقدن مني إخواني غير وجهي، فاصنعوا لهم ما كنت أصنع، وأجروا عليهم ما كنت أجري، فاكفوهم مئونة الطلب، فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه وارتعدت فرائصه مخافة أن يرد، فو الله لرجل يتململ على فراشه يراكم موضعا لحاجة أعظم عليكم منة منكم عليه بما تعطونه.

أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الْبَارِعُ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٌ الْمُخَلِّصُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بن داود، قال: حدثنا الزبير بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدٍ فَقَالَتْ: إِنِّي نَوَيْتُ أَنْ أُعْطِيَ هَذَا الثَّوْبَ أَكْرَمَ الْعَرَبِ، فَقَالَ: «أَعْطِيهِ هَذَا الْغُلامَ» : يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَهُوَ وَاقِفٌ. ومات سعيد بن العاص فِي قصره بالعرصة على ثلاثة أميال من المدينة، ودفن بالبقيع، وأوصى إلى ابنه عمرو الأشدق وأمره أن يدفنه بالبقيع، وقَالَ: إن قليلا لي عند قومي فِي بري بهم أن يحملوني على رقابهم من العرصة إلى البقيع، ففعلوا، وأمر ابنه عمرا إذا دفنه أن يركب إلى معاوية فينعاه ويبيعه منزله بالعرصة، وكان منزلا قد أنحله سعيدا، وغرس فيه النخل وزرع وبنى فيه قصرا معجبا، وقَالَ لابنه: إن منزلي هذا ليس فِي العقد، إنما هو منزل برة، فبعه من معاوية/ واقض عني ديني ومواعيدي، ولا تقبل ١٢١/ ب من معاوية قضاء ديني فتزودنيه إلى ربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>