للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يجعل هذا الأمر شورى في آل رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ. فاقتتلوا، فقتل ابن شميط، وانهزم أصحابه.

وبلغ الخبر إلى المختار، فقال: ما من موتة أموتها أحب إلي من موتة ابن شميط، وساروا فالتقوا وقد جعل مصعب على ميمنته المهلب بن أبي صفرة، وعلى ميسرته عمر بن عبيد بن معمر التيمي [١] ، وعلى الخيل عباد بن الحصين، وعلى الرجالة مقاتل بن مسمع البكري، ونزل هو يمشي متنكبا قوسا، وتزاحف الناس ودنا بعضهم إلى بعض، فبعث المختار إلى عبد الله بن جعدة: أن أحمل على من يليك، فحمل فكشفهم حتى انتهوا إلى مصعب، فجثى على ركبتيه، ولم يكن فرارا، ورمى بأسهمه، ونزل الناس عنده فقاتلوا ساعة ثم تحاجزوا، وحمل المهلب فحطم أصحاب المختار حطمة منكرة فكشفهم وقتل محمد بن الأشعث وعامة أصحابه، وتفرق أصحاب المختار، وجاء هو حتى دخل قصر الكوفة فحصر هو وأصحابه، فكانوا لا يقدرون على الطعام والشراب إلا بحيلة، وكان يخرج هو وأصحابه فيقاتلون قتالا ضعيفا، وكانت لا تخرج له خيل إلا رميت بالحجارة من فوق البيوت، وصب عليهم الماء القذر، وصار المختار وأصحابه يشربون من البئر فيصبون عليه العسل ليتغير طعمه.

ثم أمر مصعب أصحابه فاقتربوا من القصر ثم دخلوه، فقال المختار لأصحابه:

ويحكم، إن الحصار لا يزيدكم إلا ضعفا، فانزلوا بنا نقاتل لنقتل كراما، والله ما أنا بآيس إن صدقتموهم أن ينصركم الله. فتوقفوا عن قبول قوله فقال: أما أنا فو الله لا أعطي بيدي.

ثم أرسل إلى امرأته أم ثابت بنت سمرة بن جندب، فأرسلت إليه بطيب كثير، فاغتسل وتحنط ووضع ذلك الطيب على رأسه ولحيته، ثم خرج في تسعة عشر رجلا، فقال لهم: أتؤمنونني وأخرج إليكم؟ فقالوا: لا إلا على الحكم، فقال: لا أحكمكم في نفسي أبدا، فضارب بسيفه حتى قتل، ونزل أصحابه على الحكم فقتلوا، وأمر مصعب بكف المختار فقطعت ثم سمّرت بمسمار حديد إلى جنب حائط المسجد، ولم يزل


[١] في ت: «ابن معمر التيمي» ، وما أوردناه من الأصل والطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>