للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيا، فكتب إليه: يا بني، أقبل على ما أمرت به إن الله يقول: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ٢٦: ٢٢١- ٢٢٢ [١] ولست بأفاك ولا أثيم، فامض لما أمرت به، وكان يجيء إلى أهل المسجد رجلا رجلا، فيذاكرهم أمره. ويأخذ عليهم العهد والميثاق إن هو رأى ما يرضي قبل، وإلا كتم عليه، وكان يريهم الأعاجيب، كان يأتي إلى رخامة [في] المسجد فينقرها بيده فتسبح. وكان يطعمهم فاكهة الصيف في الشتاء ويقول: اخرجوا حتى أريكم الملائكة، فيخرجهم إلى دير المران، فيريهم رجالا على خيل. فتبعه بشر كثير، وفشا الأمر وكثر أصحابه حتى وصل الأمر إلى القاسم بن مخيمرة [٢] [فعرض على القاسم، وأخذ عليه العهد والميثاق إن رضي أمرا قبله، وإن كره كتم عليه] [٣] فقال له: إني نبي، فقال القاسم: كذبت يا عدو الله، فقال له أبو إدريس: بئس ما صنعت، إذ لم تلين له حتى نأخذه، الآن يفر وقام [القاسم] [٤] من مجلسه حتى دخل على عبد الملك فأعلمه بأمره، فبعث عبد الملك [٥] في طلبه فلم يقدر عليه، وخرج عبد الملك حتى نزل الصبيرة [٦] واتهم عامة عسكره بالحارث أن يكونوا يرون رأيه، وخرج الحارث حتى أتى بيت المقدس فاختفى فيه، وكان أصحابه يخرجون فيلتمسون الرجال، فيدخلونهم عليه، وكان رجل من أهل البصرة قد أتى بيت المقدس فدخل على الحارث فأخذ في التحميد، ثم أخبره بأمره وأنه نبي مبعوث/ مرسل، فقال له: إن كلامك لحسن ولكن في هذا نظر. قال: فانظر. فخرج البصري ثم عاد إليه فرد عليه كلامه، فقال: إن كلامك لحسن، قد وقع في قلبي وقد آمنت بك وهذا الدين المستقيم، فأمر ألا يحجب، فأقبل البصري يتردد إليه ويعرف مداخله ومخارجه وأين يهرب حتى إذا صار أخص الناس به. ثم قال له: ائذن لي، قال:

إلى أين؟ قال: إلى البصرة أكون أول داعية لك بها، فأذن له.


[١] سورة: الشعراء، الآية: ٢٢١، ٢٢٢.
[٢] في الأصل: «إلى الحارث بن مخيمرة» . وما أوردناه من ت، وهو يوافق ما في المراجع.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من معجم البلدان.
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٥] «فأعلمه بأمره فبعث عبد الملك» : ساقط من ت.
[٦] في الأصل: «فنزل ضمير» خطأ. والتصحيح من الله ومعجم البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>