للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: إن الأمير الحجاج ولاني ثغركم، وأمرني بجهاد عدوكم الذي استباح بلادكم، وأباد أجنادكم، فإياكم أن يتخلف منكم رجل فتحل بنفسه العقوبة، اخرجوا إلى معسكركم فعسكروا مع الناس.

فعسكر الناس ووضعت لهم الأسواق، وتهيأوا للحرب. فبلغ ذلك رتبيل. فكتب إلى عبد الرحمن يعتذر إليه من مصاب المسلمين، ويخبره أنه كان لذلك كارها، وأنهم ألجئوه إلى قتالهم، ويسأله الصلح، ويعرض عليه أن يقبل منه الخراج، فلم يجبه، وسار في الجنود إليه حتى دخل أول بلاده، وأخذ رتبيل يضم جنده إليه، ويدع له الأرض رستاقا وحصنا حصينا، وطفق [١] ابن الأشعث كلما حوى بلدا بعث إليه عاملا وأعوانا، وجعل الأرصاد على العقاب والشعاب، ووضع المسالح بكل مكان مخوف، حتى إذا ملأ يديه من البقر والغنم والغنائم العظيمة حبس الناس عن الإيغال [٢] في أرض رتبيل، وقال: نكتفي بما قد أصبنا العام من بلادهم حتى نجبيها ونعرفها، ثم نتعاطى في العام المقبل ما وراءها، ثم لا نزال ننتقص في كل عام طائفة من أرضهم حتى نقاتلهم على كنوزهم وذراريهم، وفي ممتنع حصونهم، ثم كتب إلى الحجاج بذلك.

وذكر بعض علماء السير في سبب تولية ابن الأشعث غير هذا، فقال: كان الحجاج قد وجه هميان بن علي السدوسي [٣] إلى كرمان، وكان عاملا على سجستان، فكتب الحجاج عهد ابن الأشعث عليها، وجهز إليها جيشا أنفق عليه ألفي درهم سوى أعطياتهم، وأمره بالإقدام على رتبيل.

وفي هذه السنة أغزى عبد الملك ابنه الوليد.

وفيها حج بالناس أبان بن عثمان، وكان على المدينة، وقيل: بل سليمان بن عبد الملك، وكان على العراق والمشرق كله الحجاج، وعلى خراسان المهلب بن أبي


[١] في ت: «وجعل ابن الأشعث» .
[٢] كذا في الأصول، وفي تاريخ الطبري: «عن الوغول» .
[٣] كذا في الأصول، وفي الطبري: «هميان بن عدي السدوسي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>