للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه ابن الأشعث عبد الرحمن بن العباس في خيل عظيمة من خيل البصريين [١] ، فمنعوه نزول القادسية، ثم سايره حتى نزل دير قرة. ونزل عبد الرحمن بن العباس دير الجماجم، وجاء ابن الأشعث فنزل دير الجماجم، وكان الحجاج يقول: ما كان عبد الرحمن/ يزجر الطير حين رآني نزلت دير قرة، ونزل دير الجماجم، فاجتمع أهل الكوفة وأهل البصرة، وأهل الثغور والمسالح بدير الجماجم والقراء من المصرين، كلهم اجتمعوا على حرب الحجاج، وكانوا مبغضين له وهم إذ ذاك مائة ألف مقاتل [ممن] [٢] يأخذ [٣] العطاء، ومعهم مثلهم من مواليهم. وجاءت للحجاج أمداد من قبل عبد الملك، واشتد القتال، فقيل لعبد الملك: إن كان إنما يرضي أهل العراق أن ينزع عنهم الحجاج فانزعه تحقن [به] [٤] الدماء، فإن نزعه أيسر من حربهم.

فأمر ابنه عبد الله وأخاه محمد بن مروان أن يعرضا على أهل العراق نزع الحجاج عنهم، وأن يجري عليهم أعطياتهم كما تجري على أهل الشام، فإن هم قبلوا ذلك نزع عنهم الحجاج. وكان محمد بن مروان أمير العراق فإن هم لم يقبلوا ذلك فالحجاج أمير جماعة أهل الشام، وولي القتال، ومحمد وعبد الله في طاعته، فلم يأت الحجاج أمر قط كان أشد عليه ولا أغيظ له من ذلك مخافة أن يقبلوا فيعزل عنهم.

فكتب إلى عبد الملك: يا أمير المؤمنين، والله لئن أعطيت أهل العراق نزعي فإنّهم لا يلبثون إلا قليلا حتى يخالفوك ويسيروا إليك، ولا يزيدهم ذلك إلا جرأة عليك، ألم تر وتسمع بوثوب أهل العراق مع الأشتر على عثمان بن عفان، فلما سألهم: ما تريدون، قالوا: نزع سعيد بن العاص، فلما نزعه لم تقم لهم قائمة حتى ساروا إليه فقتلوه، إن الحديد بالحديد يقرع [٥] ، خار الله لك فيما ارتأيت.

فأبى عبد الملك إلا عرض هذه الخصال على أهل العراق إرادة العافية من


[١] كذا في الأصول، وفي الطبري ٦/ ٣٤٦: «المصرين» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.
[٣] في الأصل: «تأخذ» .
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من ت.
[٥] في تاريخ الطبري ٦/ ٣٤٨: «الحديد بالحديد يفلح» .

<<  <  ج: ص:  >  >>