للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها: [١] غدر نيزك، فنقض الصلح الذي كان بينه وبين المسلمين، وامتنع بقلعة، فغزاه قتيبة.

وذلك أن قتيبة فصل من بخارى ومعه نيزك وقد ذعره ما رأى من الفتوح، وخاف قتيبة فاستأذنه في الرجوع إلى بخارى فأذن له، فذهب وخلع قتيبة وكتب إلى جماعة من الملوك منهم ملك الطالقان فوافقوه على ذلك وواعدوه الغزو معه في الربيع، فبعث قتيبة أخاه عبد الله إلى بلخ في اثني عشر ألفا، وقال: أقم بها ولا تحدث شيئا، فإذا انكسر الشتاء فعسكر، واعلم أني قريبا منك، فدخل قتيبة الطالقان، فأوقع بأهلها البلاء، وقتل منهم قتلة عظيمة، وصلب منهم سماطين أربعة فراسخ في نظام واحد.

وقيل: كان هذا في سنة إحدى وتسعين.

[وفي هذه السنة هرب [٢] يزيد بن المهلب بإخوته الذين كانوا في سجن الحجاج.]

فلحقوا بسليمان بن الملك مستجيرين به من الحجاج، والوليد بن عبد الملك.

وسبب ذلك وسبب خلاصهم أن الحجاج خرج إلى رستقباذ للبعث، لأن الأكراد كانوا قد غلبوا على عامة أرض فارس، فخرج بيزيد وبإخوته المفضل وعبد الملك حتى قدم بهم رستقباذ، فجعلهم في عسكره، وجعل عليهم كهيئة الخندق، وجعلهم في فسطاط قريبا من حجرته، وجعل عليهم حرسا من أهل الشام، وأغرمهم ستة آلاف ألف، وأخذ يعذبهم، وكان يزيد يصبر صبرا حسنا، وكان ذلك يغيظ الحجاج، فبعثوا إلى مروان بن المهلب وهو بالبصرة ليهيئ لهم الخيل، وصنع يزيد طعاما كثيرا، فأطعم الحرس وسقاهم، ولبس يزيد ثياب طباخه، ووضع على لحيته لحية بيضاء وخرج فرآه [٣] / بعض الحرس في الليل فقال: كأنه يزيد، ثم طالعه فقال: هذا الشّيخ. وخرج المفضل في أثره ولم يفطن له، فجاءوا إلى سفن قد هيئوها في البطائح، وبينهم وبين البصرة ثمانية عشر فرسخا، فأبطأ عليهم عبد الملك وشغل عنهم، ثم جاء فركبوا السفن وساروا ليلتهم حتى أصبحوا، ولما أصبح الحرس علموا بذهابهم، ورفع ذلك إلى


[١] في ت: «وفي هذه السنة» .
[٢] في الأصل: «وفيها هرب» .
[٣] في الأصل: «فرأى» وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>