للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرس تزعم أَن الْمَلِك لَمْ يكن إلا للبطن الَّذِي منه أوشهنج وجم وطهمورث، وأن الضَّحَّاك كَانَ غاصبا، غصب أَهْل الأَرْض بسحره [وخبثه] [١] . وَكَانَ عَلَى منكبيه ناتئتان، كُل واحدة كرأس الثعبان، فكان يسترهما ويزعم أنهما حيتان يقتضيانه الطعام، وكانتا تتحركان إِذَا جاع، وزعم أَنَّهُ نبي [٢] .

وقيل: مَا زال النَّاس مَعَهُ فِي جهد حَتَّى وثب رجل اسمه كابي من أَهْل أصبهان كَانَ قَدْ قتل لَهُ ابنين، فجمع النَّاس لقتاله، فهرب الضَّحَّاك وولى مكانه أفريدُونَ فاحتوى عَلَى ملك الضَّحَّاك [٣] .

وملك أفريدُونَ خمسمائة سنة، وكان عمر الضحاك ألف سنة، وملكه ستمائة سَنَة، وَقَدْ زعم بَعْض نسابي الفرس أَن أفريدُونَ هُوَ نوح الَّذِي قهر الضَّحَّاك وغلبه وسلبه ملكه.

وَقَالَ قوم: أفريدُونَ هُوَ ذو الْقَرْنَيْنِ. وَقَالَ بَعْضهم: هُوَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد، وقال الفرس: أفريدون من ولد جم الْمَلِك، وَهُوَ التاسع من ولده [٤] .

وَكَانَ أفريدُونَ قَدْ أمر بالعدل ورد المظالم، وَهُوَ أول من نظر فِي النجوم والطب، وأول من ذلل الفيلة وامتطاها وقاتل بها الأعداء، واتخذ الأوز والحمام [٥] .

وَكَانَ شديد القوة حسن الصورة، وعالج الدرياق، وَهُوَ أول من سمي بكي، وَكَانَ يقال لَهُ «كي أفريدُونَ» وَهِيَ كلمة معناها التنزيه، أي: هُوَ منزه متصل بالروحانية [٦] .

وأنه ملك الأَرْض فقسمها بَيْنَ أولاد لَهُ ثلاثة، فوثب اثنان مِنْهُم عَلَى الثالث فقتلاه واقتسما الأرض فملكاها ثلاثمائة سَنَة. ثُمَّ بغى مِنْهُم طوج بْن أفريدُونَ، ثُمَّ نشأ لَهُ أفراسياب بْن ترك الَّذِي تنسب إليه الترك من ولد طوج.


[١] ما بين المعقوفتين: من تاريخ الطبري.
[٢] تاريخ الطبري ١/ ١٩٧، ١٩٨.
[٣] تاريخ الطبري ١/ ١٩٨، وغرر السير ٣٢، ومرآة الزمان ١/ ٢٥١.
[٤] تاريخ الطبري ١/ ٢١١.
[٥] تاريخ الطبري ١/ ٢١٤، ومرآة الزمان ١/ ٢٥٢.
[٦] تاريخ الطبري ١/ ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>