للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد باع شهر دينه بخريطة ... فمن يأمن القراء بعدك يا شهر؟!

وكان فيما أصاب يزيد بن المهلب بجرجان تاج فيه جوهر، فقال: أترون أحدا يزهد في هذا التاج؟ قالوا: لا، فدعا محمد بن واسع فقال: خذ هذا التاج فهو لك، قال: لا حاجة لي فيه، قال: عزمت عليك إلا أخذته، فأخذه، وخرج فأمر يزيد رجلا ينظر ما يصنع به، فلقي سائلا فدفعه إليه، فأخذه الرجل السائل، فأتى به يزيد، فأخذ يزيد التاج وعوض السائل مالا.

وكان سليمان يقول ليزيد بن المهلب كلما رأى قتيبة يفتح حصنا: أما ترى ما يصنع الله عز وجل على يدي قتيبة؟ فيقول يزيد: الشأن في جرجان. فلما ولي لم يكن له همة غير جرجان، فجاء فصالحوه على ما ذكرنا.

ثم إنهم غدروا بجنده، فقتلوا منهم، ونقضوا العهد، فأعطى الله عهدا لئن ظفر بهم لا يرفع عنهم السيف [١] حتى يطحن بدمائهم ويختبز من ذلك الطحين ويأكل.

فنزل عليها سبعة أشهر لا يقدر منهم على شيء، ولا يعرف لها مأتى إلا من وجه واحد، فكانوا يخرجون فيقاتلونهم ويرجعون إلى حصنهم، فدله رجل على [طريق] [٢] آخر يشرف عليهم، فبعث معه جندا، ونهض هو لقتالهم [٣] ، فركبهم المسلمون، فأعطوا بأيديهم ونزلوا على حكمه، فسبى ذراريهم وقتل مقاتليهم وصلبهم على الشجر عن يمين الطريق ويساره، وقاد منهم اثني عشر ألفا إلى الوادي فقتلوا فيه، فأجرى فيه دماءهم [٤] وأجرى فيه الماء وعليه أرحاء، فطحن واختبز وأكل، وبنى مدينة جرجان، ولم تكن قبل ذلك مدينة، واستعمل عليهم جهم بن زحر الجعفي، ورجع إلى خراسان، وكتب يزيد إلى سليمان [٥] :

بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإن الله تعالى ذكره قد فتح لأمير المؤمنين فتحا عظيما، وصنع للمسلمين أحسن الصنع، فلربنا الحمد [٦] على نعمه وإحسانه،


[١] في ت: «لا يرفع السيف عنهم» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٣] في الأصل: «ونهض هو لنيلهم» .
[٤] في الأصل: «فأجرى فيهم» وما أوردناه من ت والطبري.
[٥] نص الكتاب في تاريخ الطبري ٦/ ٥٤٤.
[٦] في الأصل: «فلزمنا الحمد» . وما أوردناه من ت والطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>