للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ابن الضحاك، وبعثت رسولا بكتاب إلى يزيد تخبره بذلك، وتذكر قرابتها وما يتواعدها به، فقدم ابن هرمز على يزيد فاستخبره عن المدينة وقال: هل من مغربة خبر [١] ؟ فلم يذكر له شأن فاطمة، فقال الحاجب: بالباب رسول فاطمة، فقال ابن هرمز: يا أمير المؤمنين، إن فاطمة يوم خرجت حملتني رسالة إليك، وأخبره الخبر.

قال: فنزل من أعلى فراشه وقال: لا أم لك، أسألك عن مغربة [٢] خبر، وهذا عندك ولا تخبرنيه؟ فاعتذر بالنسيان، فأذن للرسول فدخل وأخذ الكتاب فقرأه وجعل يضرب بخيزران في يده ويقول: لقد اجترأ ابن الضحاك، [هل] [٣] من رجل يسمعني صوته في العذاب وأنا على فراشي؟ قيل له: عبد الواحد بن عبد الله النضري [٤] ، فدعا بقرطاس وكتب بيده إلى عبد الواحد وهو بالطائف: سلام عليك، أما بعد. فقد وليتك المدينة، فإذا جاءك كتابي فاهبط إليها واعزل ابن الضحاك وأغرمه أربعين ألف دينار وعد به حتى أسمع صوته وأنا على فراشي.

فقدم البريد المدينة فلم يدخل على ابن الضحاك، فأحس بالشر، فأرسل إلى البريد فكشف له عن طرف المفرش فقال: هذه ألف دينار ولك العهد والميثاق، إن أخبرتني خبر وجهك هذا دفعتها إليك. فاستنظر البريد ثلاثا حتى يسير، وخرج ابن الضحاك، فأغذ السير حتى نزل على مسلمة بن عبد الملك، فقال: أنا في جوارك، فغدا مسلمة على يزيد فرققه وقال: لي حاجة إليك، فقال: كل حاجة فهي لك ما لم يكن ابن الضحاك، فقال: هو ابن الضحاك، فقال: والله لا أعفيه أبدا وقد فعل ما فعل، فرده إلى النضري [٥] ، وكان قد قدم المدينة للنصف من شوال. وعذب ابن الضحاك وافتقر حتى رأيت عليه جبة صوف وهو يسأل الناس.

وكان قد عادى الأنصار في ولايته، وضرب أبا بكر بن حزم ظلما في باطل، فما بقي بالمدينة صالح إلا عابه، ولا شاعر إلا هجاه، وكان ذلك آخر أمره.


[١] في الأصل: «معرفة خبر» . وما أوردناه من الطبري ٧/ ١٣.
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأوردناه من الطبري.
[٣] في الأصول: «البصري» خطأ.
[٤] في الأصل: «فوقفه» . أوردناه من ت.
[٥] في الأصول: «البصري» . خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>