للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأفاديه، ولا لمريض فأشفيه، فاسق عادا مَا كنت مسقيه. فرفعت لَهُ سحابة فنودي منها:

اختر، فجعل يَقُول: اذهبي إِلَى بَنِي فُلان، واذهبي إِلَى بَنِي فُلان. فمرت سحابة سوداء، فقال: اذهبي إِلَى بَنِي فُلان، واذهبي إِلَى بَنِي فُلان. فمرت سحابة سوداء، فَقَالَ: اذهبي إِلَى عاد، فنودي منها: خذها رمادا، رمددا لا تدع من عاد أحدا. قَالَ:

وكتمهم والقوم عِنْدَ بَكْر بْن مُعَاوِيَة يشربون.

وَفِي رواية [١] : أَن بَكْر بْن مُعَاوِيَة لما رأى طول مقامهم عنده، قَالَ: هلك أخوالي وأصهاري، وَهَؤُلاَءِ ضيفي، وَمَا أدري مَا أصنع، واستحى أَن يأمرهم بالخروج [٢] ، فشكى ذَلِكَ إِلَى قينتيه الجرادتين، فقالتا لَهُ: قل شعرا نغنيهم بِهِ. قَالَ: [٣] :

ألا يا قيل، ويحك قم فهينم ... لعل اللَّه يصبحنا [٤] غماما

فيسقي أرض عاد، إِن عادا ... قَدْ أمسوا لا يبينون الكلاما

من العطش الشديد، فليس نرجو ... بِهِ الشيخ الكبير ولا الغلاما

وَقَدْ كانت نساؤهم بخير ... فَقَدْ أمست نساؤهم عياما

وإن الوحش تأتيهم جهارا ... ولا تخشى لعادي سهاما

وأنتم ها هنا فيما اشتهيتم ... نهاركم وليلكم التماما

فقبح وفدكم من وفد قوم ... ولا لقوا التحية والسلاما!

فلما سمعوا هَذَا قَالُوا: ويلكم ادخلوا الحرم فاستسقوا لقومكم، فَقَالَ مرثد: إنكم والله لا تسقون بدعائكم، ولكن إِن أطعتم نبيكم سقيتم. فَقَالَ جلهم: احبسوا هَذَا عنا ولا يقدمن معنا مكة، فَإِنَّهُ قَدِ اتبع دين هود.

ثُمَّ خرجوا يستسقون، فنشأت سحابة وقيل لَهُ: اختر، فاختار سحابة سوداء، فساقها اللَّه تَعَالَى إِلَى عاد حَتَّى خرج عَلَيْهِم من واد لَهُمْ يقال له «مغيث» فلما رأوها


[١] هذه الرواية في تاريخ الطبري ١/ ٢٢٠، ومرآة الزمان ١/ ٢٥٦.
[٢] في الطبري: «يأمرهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه (طبري ١/ ٢٢٠) وفي المرآة ١/ ٢٥٥: «يأمرهم بالدخول إلى الحرم ليستسقوا» .
[٣] في تاريخ الطبري ١/ ٢٢٠: «قال معاوية بن بكر» .
[٤] كذا في تفسير الطبري، وفي تاريخه ١/ ٢٢٠: «لعل الله يسقينا» ، وفي مرآة الزمان ١/ ٢٥٥: «لعل الله يمنحنا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>