للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا فِي المكان الَّذِي ولد فِيهِ، فَقَالَ بَعْضهم: ولد فِي بابل من أرض السواد، وَقَالَ بَعْضهم: بالسواد بناحية كوثى، وَقَالَ بَعْضهم: ولد [بالسوس] [١] من أرض الأهواز. وقيل: كَانَ بناحية كسكر ثُمَّ نقله أبوه إِلَى ناحية كوثى، وَهِيَ المكان الَّذِي كَانَ بِهِ نمرود. وقيل: كَانَ مولده بحرّان، ولكن أباه نقله إِلَى أرض بابل [٢] .

وعامة العلماء على أَن الخليل ولد فِي عهد نمرود بْن كنعان بْن سنحاريب بْن نمرود بْن كوش بْن حام. وَكَانَ نمرود هَذَا قَدْ ملك الشرق والغرب. وَبَعْض المؤرخين يَقُول: نمرود هَذَا هُوَ الضَّحَّاك، وَهُوَ الَّذِي أراد إحراق الخليل، وَقَدْ سبق ذكره.

قَالَ السدي عَنْ أشياخه: أول ملك ملك الأَرْض شرقها وغربها نمرود بن كنعان.

وكانت الملوك الذين ملكوا الأَرْض كلها [أربعة:] نمرود، وسليمان بْن داود، وذو القرنين، ونصر [٣] .

قَالَ الْعُلَمَاء بالسير [٤] : لَمْ يكن بَيْنَ نوح وإبراهيم نبي إلا هود وصالح، فلما أراد الله تعالى إظهار إِبْرَاهِيم قَالَ المنجمون لنمرود: إنا نجد فِي علمنا أَن غلاما يولد فِي قريتك هذه يقال لَهُ إِبْرَاهِيم يفارق دينكم ويكسر أوثانكم فِي شَهْر كَذَا وكذا من سَنَة كَذَا وكذا، فَلَمَّا دخلت السنة المذكورة بعث نمرود إِلَى كُل امرأة حاملة بقريته فحبسها عنده وَلَمْ يعلم بحمل أم إِبْرَاهِيم، فجعل لا يولد غلام فِي ذَلِكَ الشهر إلا ذبحه.

فلما وجدت أم إِبْرَاهِيم الطلق خرجت ليلا إِلَى مغارة ثُمَّ ولدت إِبْرَاهِيم فِيهَا وأصلحت من شأنه ثُمَّ سدت عَلَيْهِ المغارة ثُمَّ رجعت إِلَى بيتها وكانت تطالعه فِي المغارة لتنظر مَا فعل، فتجده يمص إبهامه- قَدْ جعل اللَّه رزقه فِي ذَلِكَ، وَكَانَ آزر قد سألها عن حملها، فقالت: ولدت غلاما فمات فسكت عَنْهَا. فكان إِبْرَاهِيم يشب فِي شَهْر شباب سَنَة.

فلما تكلم قَالَ لأمه: أخرجيني أنظر، فنظر وَقَالَ: إِن الَّذِي رزقني وأطعمني ما لي


[١] ما بين المعقوفتين: من الهامش.
[٢] تاريخ الطبري ١/ ٢٣٣، ومرآة الزمان ١/ ٢٦٩.
[٣] تاريخ الطبري ١/ ٢٣٤. وما بين المعقوفتين من الطبري.
[٤] تاريخ الطبري ١/ ٢٣٤، ومرآة الزمان ١/ ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>