للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْن عَبَّاس: لو لَمْ يتبع بردها سلاما لمات إِبْرَاهِيم من بردها وَلَمْ تبق نار يَوْمَئِذٍ فِي الأَرْض إلا طفئت، ظنت أَنَّهَا هِيَ الَّتِي تعنى.

فلما طفئت النار نظروا إِلَى إِبْرَاهِيم فَإِذَا هُوَ ورجل آخر مَعَهُ، فَإِذَا رأس إِبْرَاهِيم فِي حجره يمسح عَنْ وجهه العرق وذكروا أَن ذَلِكَ الرجل هُوَ ملك الظل، فأخرجوا إِبْرَاهِيم وأدخلوه عَلَى الْمَلِك [١] .

وَقَالَ ابْن إِسْحَاق [٢] : بعث اللَّه ملك الظل فقعد مَعَ إِبْرَاهِيم يؤنسه، فمكث نمرود أياما لا يشك أَن النار قَدْ أكلت إِبْرَاهِيم [ثُمَّ ركب فنظر فَإِذَا إِبْرَاهِيم] [٣] وإلى جنبه رجل جالس، فناداه نمرود: يا إِبْرَاهِيم، كبير إلهك الَّذِي بلغت قدرته أَن حال بَيْنَ مَا أرى وبينك، هل تستطيع أَن تخرج منها؟

فقام إِبْرَاهِيم يمشي حَتَّى خرج، فَقَالَ لَهُ: يا إِبْرَاهِيم، من الرجل الَّذِي رأيت معك؟ قال: ملك الظل، أرسله ربي ليؤنسني. فَقَالَ: إني مقرب إِلَى إلهك قربانا لما رأيت من قدرته، فَقَالَ: إنه لا يقبل منك مَا كنت عَلَى دينك، فَقَالَ: لا أستطيع ترك ملكي، ولكن سوف أذبحها لَهُ، فذبح أربعة آلاف بقرة [٤] ، وكف عَنْ إِبْرَاهِيم.

واستجاب لإبراهيم رجال من قومه لما رأوا من تلك الآية عَلَى خوف من نمرود، فأمن لَهُ لوط- وَكَانَ ابْن أخيه- وَهُوَ لوط بْن هاران بْن تارخ، وهاران أَخُو إِبْرَاهِيم، وَهُوَ الَّذِي بنى مدينة حران وإليه تنسب. وآمنت بِهِ سارة وَهِيَ ابنة عمه فتزوجها [٥] .

قَالَ السدي عَنْ أشياخه [٦] : لما انطلق إِبْرَاهِيم ولوط إِلَى الشام لقي إِبْرَاهِيم سارة وَهِيَ بنت ملك حران وَقَدْ طعنت عَلَى قومها فِي دينهم، فتزوجها عَلَى أن لا يغيرها.


[١] الخبر في تاريخ الطبري ١/ ٢٤١، ٢٤٢، وتفسيره ١٧/ ٣٣.
[٢] تاريخ الطبري ١/ ٢٤٢.
[٣] ما بين المعقوفتين: من الهامش.
[٤] في الهامش: «ألف بقرة» . وهو خطأ، فالمثبت موافق لرواية ابن إسحاق في الطبري ١/ ٢٤٣.
[٥] الخبر في تاريخ الطبري ١/ ٢٤٣، ٢٤٤. وراجع مرآة الزمان ١/ ٢٧٧.
[٦] تاريخ الطبري ١/ ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>