للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدفعه إلى يوسف فعذبه مرارا، ثم أتى بعود فوضعه على قدميه، وقامت عليه الرجال حتى كسرت قدماه، فو الله، ما تكلم ولا عبس، ثم على ساقيه حتى كسرتا، ثم على فخذيه، ثم على حقويه، ثم على صدره حتى مات.

ودفن بناحية الحيرة، وذلك في المحرم سنة ست وعشرين ومائة.

وفيها: قتل الوليد بن يزيد [١] ، قد ذكرنا أن الوليد كان مشتغلا باللعب واللهو، معرضا عن الدين قبل الخلافة، فلما وليها زاد ذلك فثقل أمره على رعيته وكرهوه، ثم ضم إلى ذلك أنه فسد أمره مع بني عمه ومع اليمانية وهي أعظم جند الشام، فضرب سليمان بن هشام مائه سوط، وحلق رأسه ولحيته وغربه إلى عمان فحبسه بها، فلم يزل بها حتى قتل الوليد، وغضب الوليد على خالد بن عبد الله، وكان يسميه يوسف الفاسق، ورماه بنو هاشم بالكفر والزندقة وغشيان أمهات [أولاد] [٢] أبيه. وقالوا إنه اتخذ مائة جامعة، وكتب على كل جامعة اسم رجل من بني أمية ليقتله بها، وكان أشدهم فيه قولا ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك، وكان الناس إلى قوله أميل، لأنه كان يظهر النسك ويقول: ما يسعنا الرضى بالوليد، حتى حمل الناس على الفتك به، وأجمع على قتله قوم من قضاعة واليمانية من أهل دمشق خاصة، فأتى قوم منهم خالد بن عبد الله، فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم، قالوا: فاكتم علينا، قال: لا أسمي أحدا منكم.

ثم إن الوليد أراد الحج، فخاف خالد أن يفتكوا به في الطريق، فقال: يا أمير المؤمنين أخر الحج العام. قال: ولم؟ فلم يخبره، فأمر بحبسه وأن يستأدي ما عليه من أموال العراق، وبايع الناس يزيد بن الوليد سرا، واجتمع عليه أكثر أهل دمشق، وأجمع يزيد على الظهور، فقيل للعامل: إن يزيد خارج، فلم يصدق، فأرسل يزيد أصحابه بين المغرب والعشاء ليلة الجمعة سنة ست وعشرين ومائة، فمكثوا عند باب الفراديس حتى أذنوا العتمة، فدخلوا فصلوا وللمسجد حرس، وقد وكلوا بإخراج الناس من المسجد بالليل، فلما صلى الناس صاح بهم الحرس، وتبطأ أصحاب يزيد، فجعلوا يخرجون من باب ويدخلون من آخر حتى لم يبق في المسجد غير الحرس وأصحاب يزيد، فقبض أصحاب يزيد على الحرس جميعهم، ومضى يزيد بن عنبسة إلى يزيد بن الوليد فأعلمه وأخذ بيده وقال: قم يا أمير المؤمنين وأبشر بنصر الله وعونه، فقام وقال:


[١] تاريخ الطبري ٧/ ٢٣١.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>