للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيسى بن عقيل الليثي فطرده من هراة، وضاق المنزل بأبي مسلم لكثرة عسكره، فارتاد منزلا فسيحا وحفر به خندقا، وذلك لتسع خلون من ذي القعدة. واستعمل على الشرطة مالك بن الهيثم وعلى الحرس خالد بن عثمان، وعلى ديوان الجند كامل بن مظفر، وعلى الرسائل مسلم بن صبيح [١] . وكان القاسم بن مجاشع يصلي بأبي مسلم الصلوات، ويقص بعد العصر، فيذكر فضل بني هاشم ومعايب بني أمية، وكان أبو مسلم كرجل من الشيعة في هيئته حتى أتاه عبيد الله بن مسلم بالأروقة، والفساطيط والمطابخ وحياض الأدم للماء.

وبلغت عدة أصحاب أبي مسلم سبعة آلاف، فأعطى لكل رجل ثلاثة دراهم، ثم أعطاهم أربعة أربعة، وكتب نصر بن سيار إلى مروان يعلمه حال أبي مسلم وخروجه وكثرة من معه، وأنه يدعو إلى إبراهيم بن محمد، وكتب بأبيات شعر.

أرى بين الرماد وميض جمر [٢] ... فأحج بأن يكون له ضرام [٣]

فإن النار [٤] بالعودين تذكى ... وإن الحرب أولها [٥] الكلام

فقلت من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أمية أم نيام

فكتب إليه مروان: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فاحسم الثؤلول قبلك [٦] ، فقال نصر: أما صاحبكم فقد أعلمكم أن لا نصر عنده. وجاء كتاب إبراهيم الإمام يلوم أبا مسلم أن لا يكون واثب نصرا، وأمره ألا يدع بخراسان متكلما بالعربية إلا قتله.

وكتب مروان إلى الوليد بن معاوية بن عبد الملك وهو على دمشق أن يكتب إلى عامل البلقاء فليأخذ إبراهيم بن محمد، ويشده وثاقا، ويبعث به إليه في خيل، فأخذه فحمله الوليد إلى مروان.


[١] كذا في الأصلين، وفي الطبري: «أسلم بن صبيح» .
[٢] في ت: «وميض فار» .
[٣] في الأصل: «وأحج أن يكون له ضرام» . وفي ابن الأثير: «وأخشى أن يكون له ضرام» .
وفي ت: «ويوشك أن يكون له ضرام» . وما أوردناه من الطبري.
[٤] في الأصل: «النارين» .
[٥] في الطبري: «مبدؤها» .
[٦] في الأصل: «قلبك» . وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>