للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما وضعوا منها نصبا إلا بيد الْمَلِك. ثُمَّ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفتح تميم بن راشد [١] فجددها، ثُمَّ جددها عُمَر بْن الْخَطَّاب، ثُمَّ جددها مُعَاوِيَة، ثُمَّ عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان.

[فَإِن] قَالَ قائل: مَا السبب فِي بَعْد بَعْض الحدود وقرب بَعْضهَا؟ [٢] ففيه ثلاثة أجوبة: أحدها: أَنَّهُ لما أهبط اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى آدم بيتا من ياقوت أضاء ما بين المشرق والمغرب ففرت الجن والشيطان وأقبلوا ينظرون، فجاءت مَلائِكَة تردهم فوقفوا مكان حدود الحرم. رواه سَعِيد بْن جُبَيْر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْبَيْت قناديل فِيهَا نور فانتهى ضوء ذَلِكَ النور إِلَى مواضع الحرم. قاله وهب بْن منبه.

والثالث: أَنَّهُ لما وضع الخليل الركن أضاء فالحرم إِلَى موضع انتهاء نوره.

ومن الأحداث: أَنَّهُ لما فرغ إِبْرَاهِيم من بناء الْبَيْت أمره اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَن يؤذن فِي النَّاس بالحج [٣]

قَالَ ابْن عَبَّاس: لما بَنِي الْبَيْت أوحى اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ: أَن أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ٢٢: ٢٧ [٤] فَقَالَ: يا رب وَمَا يبلغ صوتي؟ قَالَ: أذن وعلي البلاغ. فقام عَلَى الحجر فنادى: أيها النَّاس إِن ربكم قَدِ اتخذ بيتا وأمركم أَن تحجوه، فسمعه من بَيْنَ السماء وَالأَرْض وأسمع من فِي أصلاب الرجال وأرحام النِّسَاء، فأجابه من سبق فِي علم اللَّه أَنَّهُ يحج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة: لبيك اللَّهمّ لبيك، فاستجاب لَهُ مَا سمعه من حجر أَوْ شجر أَوْ أكمة [أَوْ تراب] [٥] أَوْ شَيْء: لبيك اللَّهمّ لبيك [٦] .

وَقَالَ عَبْد بْن عُمَر [٧] : استقبل إِبْرَاهِيم اليمن فدعا إِلَى اللَّه وإلى حج بيته، فأجيب:


[١] في المرآة ١/ ٢٨٨: تميم بن أسد.
[٢] نقله سبط بن الجوزي في المرآة ١/ ٢٨٩، وما بين المعقوفتين من هامش المخطوط.
[٣] تاريخ الطبري ١/ ٢٦٠، والتفسير ١٧/ ١٠٦، وزاد المسير ٥/ ٤٢٣، ومرآة الزمان ١/ ٢٩٠.
[٤] سورة: البقرة، الآية: ١٢٧.
[٥] ما بين المعقوفتين: من تاريخ الطبري.
[٦] الخبر في تاريخ الطبري ١/ ٢٦٠، وتفسيره ١٧/ ١٠٦.
[٧] في الأصل: عبيد بن عمر، والتصحيح من الطبري ١/ ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>