للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني لأشتهي أن أراك نائما، فقال: يا أماه، والله إن الليل ليرد علي فيهولني، فينقضي عني وما قضيت إربي.

وفي رواية: أنهم قالوا له: فما هذا البكاء الكثير؟ فقال: آية من كتاب الله تعالى أبكتني: (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) ٣٩: ٤٧ [١] .

٧٢١- منصور بن المعتمر، أبو عتاب، السلمي [٢] :

أسند عن أنس وعن جماعة من كبار التابعين، وكان من العلماء المتعبدين الثقات. صام أربعين سنة وتمامها، وكان محروما كأنه قد أصيب بمصيبة، وبكى حتى عمش.

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، ويحيى بن علي، قالا: أخبرنا عبد الله بن محمد الصريفيني، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن عبدان، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى الأزدي، قال: حدثنا خلف بن تميم، عن زائدة بن قدامة، قال:

صام منصور بن المعتمر أربعين سنة قام ليلها وصام نهارها، وكان يبكي الليل [٣] ، فتقول له أمه: يا بني، قتلت قتيلا؟ فيقول: أنا أعلم ما صنعت بنفسي، فإذا أصبح كحل عينيه ودهن رأسه وبرق شفتيه وخرج إلى الناس فأخذه ذات يوم يوسف بن عمر عامل الكوفة يريده على القضاء، فامتنع، قال: فدخلت عليه وقد جيء بالقيد ليقيد، قال: فجاءه خصمان، فقعدا بين يديه فلم يسألهما ولم يكلمهما، فقيل ليوسف بن عمر: إنك لو نثرت لحمه لم يل لك قضاء، فخلى عنه وتركه.

أخبرنا ابن ناصر بإسناد له عن العلاء [٤] بن سالم العبدي، قال: كان منصور يصلي في سطحه [٥] ، فلما مات قال غلام لأمه: يا أماه الجذع الذي كان في آل فلان


[١] سورة: الزمر، الآية: ٤٧.
[٢] طبقات ابن سعد ٦/ ٢٣٥. والجرح والتعديل ٨/ ١٧٧، والتاريخ الكبير ٤/ ١/ ٣٤٦.
[٣] في الأصل: «وكان الليل يبكي» . وما أوردناه من ت.
[٤] في الأصل: «بإسناد له في الصفوة عن العلاء» . وما أوردناه من ت.
[٥] في الأصل: «مسجد» . وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>