للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألفيت بيني وبين الحب معرفة ... فليس ينفذ حتى ينفذ الأبد

وليس لي مسعد فامنن علي به ... فقد بليت وقد أضناني الكمد

قال: فخرج أبو السائب خلفه وقال: قف يا حبيب فقد أجبت دعوتك، [أنا مسعدك] [١] ، أين تريد؟ قال: خيام السعف من وادي العرج، فأصابتهما سماء شديدة، فجعل أبو السائب يقرأ: (فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَالله يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) ٣: ١٤٦ [٢] فرجع إلى منزله وقد كادت نفسه تتلف، فدخل عليه أصحابه، فقالوا له: يا أبا السائب، ما الذي تصنع بنفسك؟ قال: إليكم عني، فإني مشيت في مكرمة، وأحببت مسلما، والمحسن معان.

قال مؤلف الكتاب [٣] : والأخبار عنه في هذا المعنى كثيرة حتى أن ابنه أنشده بيتين وقد اجتمع أهل الدار على المائدة، فقال له: أمك طالق إن تعشينا ولا تسحرنا إلا بهذين البيتين [فرفعوا الطعام وجعلوا يرددون البيتين] [٤] ، ثم أيقظهم سحرا فأنشدوه.

وجاز على حداد [٥] ، وهو ينشد، فحلف لينفخن له بمنفاخه، فجلس ينفخ وذلك ينشده إلى المغرب.

وروى عبد الرحمن [٦] المدائني قال: حدثنا أبو عثمان المازني، قال: صام أبو السائب المخزومي يوما، فلما صلى المغرب وقدمت مائدته خطر بقلبه بيت لجرير:

إن الذين غدوا بقلبك غادروا ... وشلا بعينك ما يزال معينا

غيضن من عبراتهن وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا

فقال: كل امرأة له طالق وكل مملوك له حر إن أفطر الليلة إلا على هذين البيتين.

أخبرنا المبارك بن علي بإسناد له عن عبد الملك بن عبد العزيز، قال: قال لي أبو


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٢] سورة: آل عمران، الآية: ١٤٦.
[٣] في ت: «قال المصنف» .
[٤] ما بين المعقوفتين: من ت.
[٥] في ت: «على صائغ» .
[٦] في الأصل: «وعن عبد الرحمن» . وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>