للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهِ قَالَ ابْن مَسْعُود، وكعب، وعبد بْن عمير ومسروق، وأبو ميسرة فِي خلق كثير.

وَقَدْ رَوَى مُعَاوِيَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلا جَاءَهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [١] . يُشِيرُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ وَعَبْدِ اللَّهِ والد رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، فإن عَبْدَ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَهُ، وَهَذَا الْحَدِيث لا يثبت، ثم أن رسول الله لَمْ يقر بِهِ، وجائز أَن يَكُون العم أبا، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ٢: ١٣٣ [٢] فأدخل إسماعيل في الآباء، وهو عم يعقوب.

وَقَدْ رَوَى الشَّعْبِي، وسعيد بْن جُبَيْر، ومجاهد، وعطاء بْن أَبِي رباح، ويوسف بْن مهران، عن ابن عباس أَنَّهُ إِسْمَاعِيل [٣] .

وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِي، وَقَالَ: رأيت قرني الكبش فِي الكعبة. وإليه يذهب الْحَسَن ومجاهد والقرظي، واحتج بأن اللَّه تَعَالَى لما فرغ من قصة الذبيح، قال: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ ٣٧: ١١٢ [٤] .

والقول الأَوَّل أصح، فَإِن الخليل لما هاجر عن قومه، قال: هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ٣٧: ١٠٠- ١٠١ [٥] . والبشارة كانت لسارة، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ٣٧: ١٠٢ [٦] ، أي كبر، وبلغ أَنَّهُ سعى مَعَ ابنه. فأما إِسْمَاعِيل فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ أسكنه مَكَّة وَلَمْ يره حَتَّى تزوج امرأتين.

والاحتجاج بقرني الكبش لَيْسَ بشيء، لأنه من الجائز أَن يكونا حملا من الشام، واحتجاج المحتج [٧] بقوله: وَبَشَّرْناهُ ٣٧: ١١٢ يدل عَلَى أَنَّهُ إِسْحَاق لأن الواو لا تقتضي الترتيب.


[١] الخبر في تاريخ الطبري ١/ ٢٦٤، وفي التفسير ٢٣/ ٥٤.
[٢] سورة: البقرة، الآية: ١٣٣.
[٣] تاريخ الطبري ١/ ٢٦٧، ٢٦٨، ٢٦٩.
[٤] سورة: الصافات، الآية: ١١٢. والخبر في تاريخ الطبري ١/ ٢٦٩.
[٥] سورة: الصافات، الآية: ١٠١.
[٦] سورة: الصافات، الآية: ١٠٢.
[٧] في الأصل: «واحتج المحتج» ، والتصحيح من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>