للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عام لا تزيده الحجج إلا تماديا. ثُمَّ إنه حلف ليطلبن إله إِبْرَاهِيم.

قَالَ السدي عَنْ أشياخه: أخذ نمرود أربعة أفرخ من فراخ النسور فرباهن باللحم والخمر حَتَّى إِذَا كبرن وغلظن واستعلجن، قرنهن بتابوت، وقعد فِي ذَلِكَ التابوت، ثُمَّ رفع رجلا من لحم لهنّ، فطرن بِهِ، حَتَّى إِذَا ذهبن فِي السماء أشرف ينظر إِلَى الأَرْض فرأى الأَرْض تحته كأنها فلكة فِي ماء، ثُمَّ صعد فوقع فِي ظلمة، فلم ير مَا فوقه ولا مَا تحته، ففزع فألقى اللحم فاتبعته منقضات، فلما رأت الجبال ذَلِكَ كادت تزول، فذلك قَوْله تَعَالَى: وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ ١٤: ٤٦ [١] .

فلما رأى أَنَّهُ لَمْ يطق شَيْئًا أخذ فِي بنيان الصرح، فبناه، ثُمَّ ارتقى ينظر وسقط الصرح، وتبلبلت ألسن النَّاس يَوْمَئِذٍ من الفزع [٢] .

ومن الأحداث فِي زمن الخليل عَلَيْهِ السَّلام هلاك نمرود

قَالَ زَيْد بْن أسلم: بعث اللَّه إِلَى نمرود ملكا أَن آمن بي وأتركك عَلَى ملكك.

قَالَ: فهل رب غيري؟ فأتاه الثَّانِيَة فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فأبى عَلَيْهِ، ثُمَّ أتاه الثالثة، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فأبى عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِك: اجمع جموعك إِلَى ثلاثة أَيَّام، فجمع جموعه، فأمر اللَّه الملك ففتح عليه بابا من البعوض، وطلعت الشمس فلم يروها من كثرتها، فبعثها اللَّه عَلَيْهِم فأكلت لحومهم وشربت دماءهم فلم يبق إلا العظام والجبار كَمَا هُوَ لَمْ يصبه من ذَلِكَ شَيْء، فبعث اللَّه عليه بعوضة فدخلت في منخره فمكث أربعمائة سَنَة يضرب رأسه بالمطارق، وأرحم النَّاس بِهِ من جمع يديه ثُمَّ ضرب بهما رأسه فعذبه الله أربعمائة عام كَمَا ملكه وأماته اللَّه. وَهُوَ الَّذِي بنى صرحا إِلَى السماء، [فأتى اللَّه بنيانه من القواعد، وَهُوَ قَالَ اللَّه] [٣] : فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ من الْقَواعِدِ ١٦: ٢٦ [٤] .


[١] سورة: إبراهيم، الآية: ٤٦.
[٢] في تبلبل ألسن الناس، قال في المرآة: هذا وهم لأنها تبلبلت في زمان نوح (مرآة الزمان ١/ ٣٠٨) .
[٣] ما بين المعقوفتين: من تاريخ الطبري.
[٤] سورة: النحل، الآية: ٢٦. والخبر في تاريخ الطبري ١/ ٢٨٨، وتفسيره ٥/ ٤٣٣- ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>