للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُصْعَبُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَامَ رَجْلٌ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ يَخْطُبُ فقال له:

ما هذا السواد الَّذِي أَرَى عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَهَذِهِ ثِيَابُ الهيبة وثياب الدولة، يا غلام، اضرب عنقه [١] .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الأزهري قال: حدّثنا محمد بن جعفر النجار قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَد الجلوذي قَالَ: حدّثنا ١٠/ أمحمد بن زكويه قال: روي لنا أن أبا مسلم قَالَ: ارتديت الصبر/، وآثرت الكتمان، وحالفت الأحزان والأشجان، وسامحت المقادير والأحكام حَتَّى بلغت غاية همتي، وأدركت نهاية بغيتي، ثُمَّ أنشأ يَقُول:

قَدْ نلت بالحزم والكتمان مَا عجزت ... عنه ملوك بْني مروان إذ حشدوا

مَا زلت أضربهم بالسيف فانتبهوا ... من رقدة لم ينمها [٢] قبلهم أحد

طفقت أسعى عليهم فِي ديارهم ... والقوم فِي ملكهم بالشام قَدْ رقدوا

ومن رعى غنما فِي أرض مسبعة ... ونام عنها تولى رعيها الأسد

[قَالَ علماء السير] [٣] : ظهر أَبُو مسلم لخمس بقين من رَمَضَان سنة تسع وعشرين ومائة، ثُمَّ سار إلى أبي الْعَبَّاس أمير المؤمنين سنة ست وثلاثين وقيل [٤] فِي سنة سبع وثلاثين بالمدائن. فبقي أَبُو مسلم فيما كَانَ فِيهِ ثمانية وسبعين شهرا غير ثلاثة عشر يوما.

وقد ذكرنا كيفية قتله فِي حوادث هَذِهِ السنة.

قَالَ مؤلف الكتاب: نقلت من خط أبي الوفا بْن عقيل قَالَ: وجدت فِي تعاليق محقق من أَهْل العلم: أن سبعة مات كل واحد منهم وله ست وَثَلاثُونَ سنة، فعجبت من قصر أعمارهم مع بلوغ كل منهم الغاية فيما كَانَ فِيهِ، وانتهى إِلَيْهِ، فمنهم: الإسكندر ذو القرنين، وأبو مسلم صاحب الدولة العباسية، وابْن المقفع صاحب الخطابة والفصاحة، وسيبويه صاحب التصانيف والمتقدم فِي علم العربية، وأبو تمام الطائي وما بلغ من الشعر


[١] انظر الخبر في: تاريخ بغداد ١٠/ ٢٠٨.
[٢] في الأصل: «لم ينلها» وما أثبتناه من ت.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وأثبتناه من ت.
[٤] في ت: «وقيل في سنة.....»

<<  <  ج: ص:  >  >>