للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتوفها رصد، وعيشها نكد ... وصفوها كدر، وملكها دول

تظل تفزع بالروعات ساكنها ... فما يسوغ لَهُ لين ولا جذل

كأنه للمنايا والردى غرض ... تظل فِيهِ بْنات الدهر تنتضل

تديره- مَا أدارته- دوائرها ... منها المصيب ومنها المخطئ الزلل

والنفس هاربة والموت يرصدها ... فكل عثرة رجل عندها جلل

والمرء يسعى بما يسعى لوارثه ... والقبر وارث مَا يسعى لَهُ الرجل

قَالَ: فبكى المنصور [١] .

أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الصيمري قال:

حدثنا أبو عبيد الله المرزباني قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسين عَبْد الواحد بْن محمد الحصيني قال: حَدَّثَنَا أبو العيناء مُحَمَّد بْن القاسم قَالَ: حَدَّثَنَا الفضل بْن يعقوب قَالَ: حَدَّثَنِي عمي إسحاق بْن الفضل قَالَ: بينا أنا على باب المنصور وإلى جنبي عمارة بْن حمزة إذ طلع عَمْرو بْن عبيد على حمار، فنزل عَنْ حماره، ونحى البساط [٢] برجله، وجلس دونه، فالتفت إلي عمارة فقال: لا تزال بصرتكم ترمينا بأحمق. فما فصل كلامه من فِيهِ، حَتَّى خرج الربيع وَهُوَ يَقُول: أجب أمير المؤمنين، جعلني اللَّه فداك. فمر متوكئا عليه، فالتفت إِلَى عمارة فقلت: إن الرجل الّذي استحمقت قَدْ دعي وتركنا. قَالَ: كثيرا مَا يكون مثل هَذَا. فأطال اللبث، ثُمَّ خرج الربيع وعمرو متكئ عليه، وهو يقول: / يا ٢٨/ ب غلام، حمار أبي عثمان. فما برح حَتَّى علا سرجه، وضم إِلَيْهِ نشر ثوبه [٣] ، واستودعه اللَّه. فأقبل عمارة على الربيع فَقَالَ: لقد فعلتم اليوم بهذا الرجل فعلا لو فعلتموه بولي عهدكم لكنتم قَدْ قضيتم حقه. قَالَ: فما غاب عنك والله مما فعله أمير المؤمنين أكثر وأعجب. قَالَ: فإن اتسع لك الحديث فحدثنا. فَقَالَ: مَا هو إلا أن سمع أمير المؤمنين بمكانه، فما أمهل حَتَّى أمر بمجلس ففرش لبودا، ثُمَّ انتقل هو والمهدي، وَكَانَ على المهدي سواده وسيفه، ثُمَّ أذن لَهُ [٤] ، فلما دخل سلم عليه بالخلافة فردّ عليه، وما زال


[١] «قال: فبكى المنصور» ساقطة من ت.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد ١٢/ ١٦٦- ١٦٧.
[٢] في تاريخ بغداد: «ونجل البساط» .
[٣] في الأصل: «وهم إليه يشربونه» وما أثبتناه من ت.
[٤] في الأصل: «ثم سأله عن نفسه وعن عياله، فلما دخل» ثم تكررت العبارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>