للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهركم وأنتم عندي أَهْل قوة ولا شدة، ولكني اخترتكم لنفسي، والله مَا جئت وفي الأرض مصر يعَبْد اللَّه فِيهِ إلا وقد أخذ لي.

وَكَانَ المنصور يكتب على ألسن قواده يدعونه [١] إلى الظهور، ويخبرونه أنهم معه، فكان محمد يَقُول: لو التقينا مال إلي القواد كلهم.

ولما أخذ مُحَمَّد المدينة استعمل عَلَيْهَا عثمان بْن مُحَمَّد بْن خالد بْن الزُّبَيْر، وعلى قضائها عَبْد العزيز بْن عَبْد المطلب بْن عَبْد اللَّه المخزومي، وعلى الشرط أبا القاسم عثمان بْن عبيد اللَّه، وعلى ديوان العطاء عَبْد اللَّه بْن جعفر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، واستعمل القاسم بْن إسحاق على اليمن، وموسى بْن عَبْد اللَّه على الشام يدعوان إِلَيْهِ، فقتلا قبل أن يصلا.

واستفتي مالك بْن أنس فِي الخروج مَعَ مُحَمَّد، وقيل لَهُ: إن فِي أعناقنا لأبي جعفر بيعة. فَقَالَ: إنما بايعتم مكرهين، وليس على مكره يمين، فأسرع الناس إِلَى مُحَمَّد، ولزم مالك بيته، وأرسل مُحَمَّد إِلَى إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن جعفر، فدعاه فَقَالَ: يا ابْن أخي، أنت والله مقتول، فكيف أبايعك؟ فارتدع الناس عنه قليلا، وخرج مُحَمَّد وأبو جعفر قَدْ خط مدينة بغداد بالقصب. فلما خرج مضى رجل من بْني عامر، فسار من المدينة تسع ليال، فقدم على أبي جعفر، فَقَالَ الربيع: مَا حاجتك؟ فَقَالَ: لا بد لي من أمير المؤمنين فأعلمه. فَقَالَ: سله عَنْ حاجته وأعلمني. قَالَ: قَدْ أبى إلا مشافهتك. فأذن لَهُ، فدخل فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، خرج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بالمدينة.

فَقَالَ: قتلته والله، أَخْبَرَنِي من معه، فسمى لَهُ. فَقَالَ: أنت رأيته. قَالَ: أنا رأيته وكلمته ٣١/ أعلى/ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأدخله أَبُو جعفر بيتا، فلما أصبح جاءه الخبر، فأمر للرجل بتسعة آلاف، لكل ليلة سارها ألفا.

وكتب أَبُو جعفر إِلَى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من عَبْد اللَّه أمير المؤمنين إِلَى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا ٥: ٣٣ إِلَى قوله: غَفُورٌ رَحِيمٌ ٥: ٣٤ [٢] ولك عهد الله


[١] في الأصل: «يدعوه» وما أثبتناه من ت.
[٢] سورة: المائدة، الآية: ٣٣، ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>