للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينك وبينه عقدا، قَالَ: أفعل فأرسل إِلَيْهِ، فأظهر كرامة وبرا، فخرج في أربعمائة من أصحابه يتصيد ويتنزه، وبلغ الخبر المنصور فعزل عُمَر، وولى هشاما، وَقَالَ لَهُ: إن أسلم ذلك الملك عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد وإلا حاربه، وكتب إِلَى عُمَر بولاية إفريقية، فكان هِشَام يدفع عَنْ عَبْد اللَّه ويتمادى فِي أمره، فخرجت خارجة ببلاد الشام فبعث إليهم أخاه، فبينا هو يسير إذا [هو] [١] برهج، فظنه مقدمات العدو الَّذِي يقصده، فوجه طلائعه فقالوا: ليس بعدوك، ولكن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد ركب متنزها، فمضى يريده، فَقَالَ لَهُ نصاحه [٢] : هَذَا ابْن رسول الله، وقد علمت أن أخاك قَدْ تركه مخافة أن يبوء بدمه ولم يقصدك. فأعرض عنه، فَقَالَ: لا أدع حظي من التقرب من المنصور بأخذه أو قتله، فقصده، وَكَانَ فِي عشرة آلاف، فقاتله فقتل عَبْد اللَّه وأصحابه كلهم، فكتب بذلك إلى ٦٨/ ب المنصور فشكره، وأمره بمحاربة الملك الَّذِي آواه فحاربه وظفر به وقتله/ وَكَانَ عَبْد اللَّه قَدِ اتخذ بحضرة ذلك الملك جواري فأولد منهن جارية، فحملها وابْنها إِلَى المنصور، فأمر أن يسلم إِلَى أقربائه.

وفي هذه السنة: قدم المهدي من خراسان فِي شوال عَلَى المنصور، فوفد إِلَيْهِ عامة أَهْل بيته [من كل بلد] [٣] يهنئونه فأجازهم وكساهم وحملهم، وفعل بهم المنصور مثل ذلك، وأجرى عَلَى كل رجل منهم خمس مائة درهم.

وفي هذه السنة: ابتدأ المنصور ببْناء الرصافة فِي الجانب الشرقي من مدينة السلام لابْنه المهدي.

وَكَانَ السبب فِي ذلك: أن الراوندية لما حاربوا المنصور [٤] عَلَى باب الذهب دخل عليه قثم بن الْعَبَّاس بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس، وَهُوَ يومئذ شيخ كبير ومقدم عند القوم، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَر: أما ترى مَا نحن فِيهِ من التياث العسكر علينا، قَدْ خفت أن نجتمع كلمتهم فيخرج هَذَا الأمر من أيدينا، فما ترى؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عندي


[١] ما بين المعقوفتين: من الطبري ٨/ ٣٦.
[٢] في ت: «فصاحه» .
[٣] ما بين المعقوفتين: من ت.
[٤] في ت: «لما شغبت على المنصور على باب الذهب» . وفي الطبري: «لما شغبوا على أبي جعفر وحاربوه على باب الذهب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>