للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا مِمَّا كنزه الإسكندر، وَكَانَ اللَّه لَمْ يجعل فِيهِ من الحرص شَيْئًا، وَلَمْ يجمع الدنيا إلا مَا كَانَ يسر بمن مَعَهُ فيقويهم عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ مسيرة ذَلِكَ رحمة للمؤمنين.

[صفة بناء السد [١]]

ذكر أَبُو الْحُسَيْن بْن المنادي عَنِ الموجود فِي أيدي الفرس عَنْ كتبهم الموروثة: أَن ذا الْقَرْنَيْنِ لما عزم عَلَى المسير إِلَى مطلع الشمس أخذ عَلَى طريق كابل في الهند وتبت، فتلقته [٢] الملوك بالهدايا العظيمة والتحايا الكريمة والطاعة والأموال إِلَى أَن صار إِلَى الأَرْض المنتنة السوداء، فقطعها سيرا فِي شَهْر، ثُمَّ جاءته الأدلاء فانتهوا به إلى الحصون الشامخة والمدن المعطلة من أهلها وَقَدْ بقيت مِنْهُم فِيهَا بقايا سألوه بأجمعهم أَن يسد عَنْهُمْ الفج الَّذِي بينهم وبين يأجوج ومأجوج، فسار إِلَيْهِ ونزل بجيشه العظيم الهائل ومعه الفلاسفة والصناع والحدادُونَ، فاتخذ قدور الحديد الكبار والمغارف الحديدية، وأمر أن يجعل كُل أربعة من تلك القدور عَلَى ديكدان طول كُل واحد خمسين ذراعا أَوْ نحوها، وأمر الصناع أَن يضربوا اللبن الحديد، فاتخذوا النحاس والحديد وأضرموا عليه النار فصارت حجارة لَمْ ير النَّاس مثلها كأنها تشبه جبل السد. طول كُل لبنة ذراع ونصف بالذراع الأعظم، وسمكها شبر.

فَمَا زالوا يبنون السد من جانب الجبل، وجعل فِي وسطه بابا عظيما طوله أقل من عرضه، فالعرض مائة ذراع، كُل مصراع خمسين ذراعا، والطول خمسين ذراعا، وعليه قفل عظيم نَحْو عشرة أذرع، وفوقه بأذرع غلق أطول من ذَلِكَ القفل. وكل ذَلِكَ أملس كملاسة الجبل وبلونه.

فذكروا أَنَّهُ لما فرغ من بناء السد أمر بالنار فأضرمت عَلَيْهِ من أسفله إِلَى أعلاه، فصار معجونا كأنه حجر واحد مثل الجبل سواء، فلما فرغ من بناءه مال راجعا بَعْد أَن لقي الأمم الَّتِي خلف يأجوج ومأجوج.

قَالَ أَبُو الْحُسَيْن: وبلغني عَنْ خرداذبه، قَالَ: [٣] حَدَّثَنِي سلام الترجمان: أَن


[١] مرآة الزمان ١/ ٣٢٦، والمسالك والممالك لابن خرداذبه ١٦٢- ٧٠.
[٢] في الأصل: «فتلقتها» .
[٣] المسالك والممالك ١٦٢- ١٧٠، ومرآة الزمان ١/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>